في بلداننا - اعلى الله مقاماتها - تحتاج الى ان تحيك قصة محبوكة من قليل صدق وكثير كذب لكي تعيد سلعة الى بائعها وتسترجع اموالك كاملة غير منهوبة . ولا انسى الحيلة التي ابتدعتها عائلة زميلي في الكلية عندما اهتدت الى طريقة مثلى لاعادة البضاعة لبائع شايلوكي "لو صح التعبير حبيبي" . والاسلوب كان "ذكيا" للغاية . يقول صاحبي ان والده طلب من اخته الجميلة ان تظهر باحسن مظهر وتذهب الى البائع فهو لن يرد لها طلبا !!! هنا في الولايات المتحدة - و في بلدان الاقتصادات الرصينة - يفرد الباعة ، وخاصة سلسلة المعارض الكبرى، ممرا خاصا بالبضاعة المرجوعة مع موظفين مدربين على التعامل مع الزبون لارضائه وتسهيل عملية الارجاع الى اخر سنت أو يوان أو ين لم تعد له قيمة سوقية اليوم . ولولا رواج البرمجيات " الكترونيات" لاستطعت الزعم ان كل شيء قابل للاعادة بعد شرائه بلا استثناء . ولوحة ( الزبون اولا) تكاد لا يخلو منها معرض . من خاض هذه التجربة لا يحتاج لقراءة هذه السطور فلعل لديه من تجارب الارجاع ما يفوق الذي عندي ، حتى قال قائلهم ان الاعادة اصبحت ايسر بكثير من عملية الشراء . فدورك محفوظ في الطابور و لا يحق حتى لرئيس الدولة او ابنتاه الجميلتان التجاوز عليه ، كما ان حقك الدولاري هو الاخر محفوظ ، مشفوعا بابتسامة واعتذار وأسف لا تشعر انها مفتعلات "او مفتعلون ، لا ادري بالضبط" . فوجئت قبل عقد ونصف عندما كنت اخوض صراع الحياة في ولاية نيوجرزي ان احد الزبائن كان يخاطب موظفة اعادة البضائع في معرض "كوستكو" بحدة غير معهودة . وجرفني التطفل الى معرفة اسباب هذه الحدة . كانت الموظفة تقابل ذلك التوتر بابتسامة عريضة مهدئة من روع الزبون ومبررة له سؤالها عن سبب اعادة البضاعة . الموظفة خاطبت الزبون بالحرف : "انني مكلفة بالسؤال عن سبب الارجاع لغاية فنية فقط . لاننا عندما نعيد البضاعة الى المصدر علينا ان نوضح الخلل الذي يدفع زبونا محترما مثلك الى اعادتها حرصا على وقته الثمين من الهدر ، واذا تكررت الاعادة فاننا ندرج هذه السلعة ضمن القائمة السوداء ومن ثَم ندرج العلامة التجارية في القائمة ايضا "، يعني Block . طبعا الزبون كان غاضبا ولم يقنعه التبرير الذي اعتبره واهيا ، لانه كان يشعر بان الموظفة تطاولت على خصوصيته بالسؤال عن سبب اعادة البضاعة وهذا يتنافى - حسب رايه - مع بنود الـ Return Policy او نظام الارجاع . الزبون جاء الى المعرض واثقا بفاعلية قانون خاص يضمن له شراء ما يوفر له القناعة مئة في المئة بالمنتج . وهو يعلم علم اليقين انه لو جلب معه الالمانية "كلوديا شيفر" لاعادة بضاعة غير مشمولة بنظام الارجاع فانها لن تشفع له وان كشفت عن ساقين . علمت - والله العالم - ان فايروس ارجاع البضاعة للبائع باحترام ، بدأ ينتشر في بعض البلدان العربية كلبنان وكردستان العراق و الامارات "دبي تحديدا" ، ولانه فايروس ايجابي فاني متشائم من سرعة انتشاره كفايروس استغلال ابتسامة بنت جميلة لاغراء البائع باعادة البضاعة . لست منبهرا بالغرب حيث اوشك ان انهي عقدي الثاني من الاقامة فيه . وهذا الغرب يعج بالظواهر السلبية - من وجهة نظري الشخصية - لكنني لا اراني مسؤولا عن اصلاح خلل فيه لانني لا اشعر بالانتماء الكامل اليه ، وليتني اقوى على الافلات من عرى الارتباط بوهم كبير نسميه الحبل السري الذي يشدنا بوهم آخر اكبر منه اسمه "وطن" . شكرا على تجنب الـ "لايك" ما استطعتم الى ذلك سبيلا .
مقالات اخرى للكاتب