وسط هذا الجحيم المطبق من الجهات الاربع ، ثمة ما يدخل السرور الى القلب و ان كان من النوع الخادع . الصحف السعودية المعروفة لدى القاصي والداني بـ "رصانتها " سواء داخل المملكة او خارجها دأبت منذ نحو شهرين على السخرية من آلية انتخاب السلطات الثلاث في العراق . لست على معرفة تامة بمقدار الحزن والاسى الذي دخل في قلب ماكنتها الاعلامية عندما اختير رئيس مجلس النواب ومن بعده رئيس الدولة . لكنني متاكد من ان اختيار سليم الجبوري لرئاسة البرلمان خفف جزءا كبيرا من موجة الحزن فالرجل مهما جهد فهو محسوب عليهم ولهم ومنهم . وضاعفت ماكنة الديزل السعودية من دورانها التفحيطي بعد انتخاب الدكتور فؤاد معصوم رئيسا حيث الفرصة باتت مؤاتية للطعن بالبيت الشيعي "ان وجد" باعتباره العقبة الكؤود في تشكيل الحكومة !!! افهم جيدا ان تضحك اليابان على الآليات الديموقراطية في العراق . وافهم لو سخرت المانيا من هذه الاليات وكذلك فرنسا ، بريطانيا ، اميركا ، ايطاليا ، اما ان تستهزىء الرياض بذلك الى درجة انها تفرض وصاية على مستقبل العراق فهذا من هوان الدنيا على الله . بقعة عريقة مثل الحجاز شرفت ترابَها اقدسُ قدم وطات الارض لايعقل ان تديرها اسرة من شذاذ الافاق الجهلة حتى بلغة الام . لكل فرد من الشعب العراقي الحق الكامل في ان يحول اي مسؤول بالبلد الى نكتة تتداور في الافواه شريطة التزام جانب الحق ، اما ان تلقي عصابة من رعاة الابل ومحتسي ابوالها محاضرات تعليمية في سبل تشكيل الانظمة والحكومات فهذا ما لا يمكن قبوله . المرحوم من رحمه الله بالابتعاد عن اراجيف اجهزة الاعلام السعودية المتورطة بالارهاب في العراق وسورية . والمغبون - مثلي - من تضطره ظروف عمله لمتابعة كل واردة وشاردة تطالعنا في صحف مملكة الكراهية الصفراء والارهاب الاعمى . كيف يحق لنظام يعين فيه ملكُه المفدى حتى حراسَ سفارات بيوت الدعارة في الخارج ، ان يجلد الانظمة الاخرى بخطابات يومية حول العدالة وتشكيل الحكومات الوطنية . لا ينتطح عجلان في ان الوضع بالعراق منهار او آيل الى الانهيار ، لكن ايضا لا يتجادل اثنان على ان هذا الانهيار يتحمله بالدرجة الاساس اثنان ... نظام آل البعث في سورية و نظام آل سعود في مملكة النفط . وقد عوقب الاول على فعلته و لا يزال يتلقى العقوبة القاسية ، وسيعاقب الاخر عاجلا وليس اجلا . ومن ظن انه ناج من ظلامة العراقيين فهو واهم ، ليس لكون العراقيين لهم منزلة خاصة في السماء ، بل لان الظلم الذي انصب على راس هذا الشعب المنكوب من هذين الشغيغين لم يجر على احد من العالمين . ما يمسك الرياض اليوم من تلقي ضربتها المرتقبة هو قبضتها الحديدية التي تنفق عليها المليارات لاحكامها ، لانها تعلم بان هذه القبضة هي صمام الامان الذي سينهار كل شىء لو بدا عليه الهزال . و الرياض مطمئئة الى ان سكان الشرقية لو ابيدوا عن بكرة ابيهم لما سيروا سيارة مفخخة واحدة لطحن عظام الابرياء مع ان هذا السلاح اصبح لسهولة انتاجه متاحا حتى للاطفال . لكن ما يخيف المملكة حقا هو عودة البضاعة التي صدرتها ولاتزال تصدرها للعراق وسورية في كل يوم ، والعودة تبدو قريبة جدا . في ابو ظبي ، ليس بعيدا عن الحدود الشرقية للسعودية ، دوى صوت شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري عام ٧٩ بـ : ومَنْ لم يتعظ ْ لغد ٍ بأمس ٍ ... و اِنْ كانَ الذكيَ هوَ البليد ُ - افتيان الخليج " . ولا ينفع بهذا التبلد يومئذ بندر بن سلطان ولا سلطان نفسه ... انه التسونامي الذي سيتهاوى بفعل موجاته كل نظام تاسس في أروقة المخابرات فاتكأ عليها بكل ثقله . طاب عيدكم جميعا
مقالات اخرى للكاتب