بعد اقرار قانون الأحزاب السياسية في مجلس النواب وطبقا لتفسير الخبير القانوني طارق حرب ، يجب الزام الحكومة وفق المادة 42 من قانون الاحزاب السياسية بمنح الاحزاب راتبا على الرغم من قرارات رئيس الوزراء حيدر العبادي التقشفية.
واذا رجعنا الى احكام هذا القانون نرى انه تضمن الزاما للدولة بمنح الاحزاب السياسية راتبا سنويا سماه القانون باسم اعانات الدولة المالية وهذا ما قررته المادة (42) من القانون الجديد التي نصت على ( ان تتسلم الاحزاب والتنظيمات السياسية اعانة مالية سنوية من موازنة الدولة ويتم تحويلها الى كل حزب وتنظيم سياسي) ".
وان المادة (33) من هذا القانون ، حددت مصادر تمويل الاحزاب السياسية ، واعتبرت الاعانات المالية من الموازنة العامة للدولة مصدرا من مصادر تمويل الاحزاب ، واوجب القانون على وزارة المالية اتخاذ ما يلزم بشان تامين ايصال هذه الاموال الى الاحزاب السياسية وبموجب حكم هذا القانون" تم تحميل الموازنة العامة نفقات كثيرة جديدة ، ثم عاد البرلمان مرة اخرى يوم الخميس الماضي بتحميل الموازنة العامة نفقات كثيرة وجديدة ايضا وردت في قانون الاحزاب السياسية عندما قرر القانون صرف اعانات السنوية اي رواتب سنوية للاحزاب السياسية ".
علما ان البرلمان قرر صرف راتب سنوي للاحزاب على الرغم من التخمة المالية للاحزاب بدليل وجود الهيئات الاقتصادية لكل حزب لاستحصال وجباية الاموال الخاصة بالحزب !! ويعني هذا الأمر
**** تحميل الموازنة السنوية للدولة نفقات جديدة وعبا اضافي كبير ! في الوقت الذي تم تجاهل من يتولى قانون الموازنة السنوية تحديد فقرة جديدة للنفقات لم تكن موجودة سابقا في قوانين الموازنة السابقة باسم الاعانة المالية السنوية للاحزاب ، فبدلا من ان تتولى القوانين الجديدة التي يشرعها البرلمان تقليص وتقليل نفقات الدولة لاجل صرف الاموال على الخدمات ومعالجة البطالة زادوا الطين بلة ..
**** ان اقرار قانون الأحزاب يعد خطوة في الاتجاه الصحيح ولكني لا أعتقد ان الكتل السياسية مؤهلة لاستيعاب هذه القوانين ؟! وفي اعتقادي ان هذه الكتل ا مازالت غير معنية بهذا القانون !! وبمصالح الشعب وهي غيركفوءة في تشريع القوانين !! وتحاول دائما وابدا ان تكون هي المستفيدة من اقرار جميع القوانين !! ومع علمنا ان هذه الكتل السياسية لديها مصادر مالية خارجية وداخلية متعددة ! لكنها ما زالت توحي للشعب بانها فقيرة ومصادرها المالية تقتصر على موارد الدولة !! وعليه صار علينا البحث عن أهم الموارد التي ترفد الأحزاب السياسية من الناحية النظرية بمصادر ذاتية كما هو متعارف عليه في دول العالم المتحضرة ؟
يعتبر التمويل العام المباشر الذي يعطى للأحزاب السياسية من المصادر الرئيسية للتمويل خلال فترات الانتخابات وما بعدها ، ويحدد المبلغ على أساس الأداء في الانتخابات السابقة، والتمثيل الحالي في المجلس التشريعي. ويتم توفير التمويل غير المباشر في العادة من خلال الصحافة التابعة للحزب، والتي تكون مدعومة من قبل الحكومة. ورغم أن العضوية في الأحزاب السياسية قد انخفضت، فإن الدخل من العضوية لا يزال مهما، وكان يمثل ما بين 5 و10 في المئة من مجموع الميزانية لكل من الحزبين !!!
ومثال على ذلك هناك أربعة مصادر رئيسية لتمويل الأحزاب السياسية في السويد :
**** التمويل العام المباشر...
**** والتمويل العام غير المباشر ..
**** ، والدخل من العضوية في الحزب ..
**** والمشاريع التجارية المسجلة والواضحة للعيان كاليانصيب الذي تجريه الأحزاب أو المنظمات التابعة لها ...
***** ان قرارات رئيس الوزراء تهدف الى تقليل وتقليص النفقات الحكومية وترشيق الاجهزة الحكومية لتوفير الاموال للخدمات والمواطنين" ، لا الزيادة في نفقات الدولة !! وهذا ما نجده اليوم في اقرار القوانين في اروقة مجلس النواب !! حيث يتم تشريع القوانين بمجرد اتفاق الكتل السياسية عليها !! ولا تأتي عن دراسة أو جدولة اقتصادية ودراية وحرص النواب على المصالح الوطنية وهذا ما يفسر جهل المشرع والمتصدي للعملية السياسية !!!!!!!!!
***** الاستنتاج النهائي :
لعدم وجود آليات متقدمة في نظام القيود والرقابة المالية والمصرفية في العالم العربي عامة وفي العراق خاصة بات من المستحيل مراقبة ومحاسبة الأحزاب السياسية والتقصي عن مصادر اموالها !!! وهذا ما يفسر لنا حجم الفساد الكبير والثراء الفاحش للمسؤولين وهروب المليارات من العملة الصعبة الى البنوك الخارجية والتي تبقى بعيدة عن عيون الرقابة لانها توضع دائما في حساب اسماء شركات وهمية وهو ما نعبر عنه بغسيل الاموال !! وللمعلومة فان أي شخص يعيش في الغرب لا يسمح له بسحب امواله النقدية من البنوك وتم تحديد ذلك ب 10 الآف يورو وتصل الى 25 الف يورو يوميا لمن لديهم موافقات مسبقة من البانك واما سحب المبالغ الكبيرة فلا يتم الا بالحولات المصرفية ، يعني التحويل من بانك الى آخر ... حتى يتم التعرف على مصادر الأموال ومن هنا يتم تطبيق قانون من أين لك هذا قولا وفعلا .. فهل يستطيع العراق استنساخ التجارب المصرفية الغربية لانهاء الفساد المستشري في البلاد أم سيقى حبيس الشعارات والكيانات السياسية ...
ان العراق يحتاج الى نظام مالي ومصرفي متقدم يعالج فيه جميع الثغرات المصرفية والحوالات الخارجية وتصريف العملات الأجنبية ...
أخيرا هل سيبقى العبادي حبيس الكلمات والشعارات والكيانات السياسية أم يستطيع اللحاق بركب الدول المتحضرة ، خاصة وان العراق يمتلك أهم ثلاث عوامل وهي ، المال ، العقل ، الملايين من الشعب !!! وفي علم السياسة يقولون ، لو اجتمعت هذه العوامل في أي بلد يمكن أن يتحول الى قوة اقتصادية عظمى ولاعب اقليمي وعالمي مهم جدا وهذا ما نجحت فيه الجارة ايران حتى هذه اللحظة !!! نأمل أن يستطيع حيدر العبادي تسجيل اسمه في كتب التاريخ كاول زعيم عراقي وعربي يضع العراق في صفوف الدول المتقدمة ... هل سيحدث ذلك ؟ يبقى الجواب عند دولة الرئيس حيدر العبادي والارادة الشعبية المخلصة بعد الخلاص من التبعية الأجنبية والذهاب الى التغير السلمي والتدريجي المعقول
مقالات اخرى للكاتب