عبارة أعجبتني … ومضمونها كما يرى قائلها أن ( الفشل فرصة وعبرة) …
كيف ..؟..
فرصة …. لمن يتعلم منه ، وعندها يكون ليس سببا في نجاحه فقط ، وانما في شهرته الى مديات قد تتجاوز حدود ه ، وما أكثر الناجحين الذين إستفادوا من الفشل واصبحوا علامات متميزة ، ودلالات واضحة في النجاح في العالم.. وعبرة …. لكي يتجاوز الاخرون الاخطاء التي وقع فيها الفاشلون ، فيختصرون بذلك الزمن والتجارب معا التي مر بها هؤلاء في طريق الفشل …
ولكن …
استمرارالفشل يعني السير نحو كارثة ، قد تؤدي الى نتائج مأساوية خطيرة ، وتتطلب قدرة أكبر تتجاوز حدود الذات ، وتميزا في الوسائل ، وطريقا مبدعا في الوصول الى الهدف يختصر المراحل للوصول اليه ……
ومن هذا المنطلق هناك من يرى أن الدعوة الى الاصلاح هي اعلان صريح بفشل الطريق الذي سلكته العملية السياسية برمتها ، وهو ( سيد الادلة ) على الخطأ القاتل الذي وقت فيه ، وتردي الاوضاع ، الى حد غياب الدولة وتلاشيها شيئا فشيئا عن مفاصل مهمة ، وكأننا نعيش فيها على بقايا دولة على حد رأيه …
وهناك شواهد عديدة يمكن الاستدلال بها على هذا الرأي ، بدءا من فوضى الشارع والتجاوزات عليه ، والفشل في رفع اكوام النقايات والاوساخ التي اصبحت ( تلالا ) ، وعلامات فارقة في المحلات والشوارع ، والكهرباء التي لا تزال تعمل ( بنظام البرمجة ) غير المتوازنة مع حاجة المواطن المنزلية .. وتبعها الماء في هذا النظام للهروب من العجز في سد الحاجة ….فمن اين لها القدرة التي تسد بها حاجة المشاريع الانتاجية الى الطاقة ، وبذلك تساهم في زيادة العاطلين عن العمل ، ولذلك أصبحت البلاد مستوردة لكل شيء ، وهكذا مرورا بمؤسسات الدولة الاخرى ، وصعودا الى أعلى المستويات .. ويمكن الاستدلال عليها من حال مجلس النواب اليوم …
ولذلك …
فان المشهد العراقي السياسي لا يحتاج الى طبيب ماهر ليكشف علته ، ولا الى ( مبضع ) جراح كبير ليجري له عملية ناجحة ويشفيه من مرضه … فالامور واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار …
والعلة سببها المريض نفسه ، وبيده علاجها ، وشفاؤه يتوقف عليه نفسه ، ما دام يعرف سبب مرضه ، وتنطبق عليه في هذه الحالة القاعدة الطبية الشعبية ( الانسان طبيب نفسه ) … فيبتعد عما يؤذيه ، وليس أن يمعن فيما يزيد عذابه..
أليس الجميع بمختلف المستويات – أعلاها وأدناها – يقولون أن المحاصصة هي بيت الداء واس البلاء …. فلماذا لا يذهبون اليها مباشرة ، ويستأصلوا هذا ( المرض ) وليس الى النتائج التي افرزها …؟…
والاصلاح يبدأ منها …
لقد أنهى مبدأ التوافق والصفقات السياسية دور مجلس النواب الحقيقي ، واصبح ضعيفا ، ويعكس صورة واضحة للمحاصصة وواجهة للكتل ، وساحة للصراع وتصفية الحسابات ، وتبادل الاتهامات على أعلى المستويات ، وقد تجاوزت الخلافات فيه من التراشق بالكلمات الى الرمي بقناني المياه ، والتشابك بالايدي … ووصلت الفوضى الى القفز على الكراسي ، والوقوف فوق المناضد ، أو الضرب بالايدي علىها ، واحداث الضوضاء كوسيلة للتعبير عن الرأي في الرفض ، واثبات الوجود وتسجيل الموقف !! ..
ولذلك هناك من يتساءل هل يدل هذا الاسلوب على وجود دولة ، أم بقايا دولة في هذه السلطة .؟! ..وكيف يُطلب من المواطن أن يتعامل ( بالنظام ) ، ويلتزم به ، وأعلى مؤسسة تشريعية ورقابية تمثله ، تعيش في حالة من ( اللانظام ) .. وكأنها هي الأمر الطبيعي ، أو هي الديمقراطية ، والتعبير عن الاختلاف في الرأي ، وليس هي الاستثناء ، او حالة الاضطرار عندما تصل الازمة الى منتهاها ، والى حالة حرجة جدا تخرج عن حدود السيطرة والانضباط ..!!
وهناك من الخبراء من يرى أيضا أن فشل أي برلمان في العالم تتعدى آثاره حدوده الذاتية الى النظام السياسي برمته ، وتنعكس على قدرته على إدارة البلاد ، والعبور بها الى ضفة الامان والاستقرار ووضع الدولة على الطريق الصحيح للبناء والاعمار وتجاوز الظروف الاستئثنائية …
تلك وغيرها الكثير آراء يتداولها الناس ، بمن فيهم أعضاء في البرلمان نفسه ، وبعضها لا يحتاج الى جهد وعناء في التفكير لاكتشافه … ولكن لم تجد لها صدى في التغيير…
فلماذا لا يكون مجلس النواب في المشاهد التي ظهر بها مؤخرا درسا وعبرة ، ودلالة على ( مرض فشل المحاصصة ) الذي وصل الى أعلى مداياته في الخطورة على الدولة ، ولم تعد تنفع فيه ( المسكنات ) وفرصة للمعالجة الحقيقية … فلا يزال في الوقت بقية …
+ نتمنى
{{{{{
كلام مفيد :
من جميل ما قاله الشاعر الفرزدق :
يا جامع المال في الدنيا لوارثه
هل أنت بالمال بعد الموت تنتفع
مقالات اخرى للكاتب