هذه ليست رواية أخرى للراحل الكبير غابرييل غارسيا ماركيز بل هذه ما نتطلع اليه بعد ان اُبتلينا بمائة عام من العزلة ،، لا شيء يمكن ان يُقوم المجتمع ويبني المؤسسات سوى الإنفتاح و الإستفادة من التجارب الناجحة للمجتمعات التي نرى بأنها حققت افضل ما يمكن تحقيقه على صعيد أولوية كرامة الفرد كقيمة عليا للحراك الانساني ، وشرط تحقيق الفائدة في هذا الموضوع هو الإنفتاح على الآخر اي كان وصفه والابتعاد عن فرضيات المؤامرة ونحن خير اهل الأرض ..فلا قيمة لأحد او شيء الا القيمة التي يضيفها وجوده في البوتقة الانسانية نحو حياة افضل للجميع ، و في ضل عصر الفوضى والتشضي والضياع يصبح التعايش أمراً وجوبياً لمن يفكر في البناء الانساني والعمراني ولا يتم هذا الا من خلال التأسيس لثقافة التنوع كضرورة حياتية فالتنوع والإنفتاح على الآخر هو شرط اساسي لقيام الأمم ونجاح الأفراد والمؤسسات. فمن غير الممكن ان تحقق اي انجاز اذا كنت لا ترى في هذا الكوكب سواك فهذه النظرة الشوفينية تتقاطع بشكل واضح مع الحتمية التاريخية فكل التجارب التي قامت على اساس ايديولوجيا العرق الأنقى والفئة الناجية اثبتت فشلها الصريح في مواجهة ثقافة التنوع والتعايش التي تُبنى بالبحث عن المشتركات مع الآخر وترسيخها كرابط انساني في العقود الاجتماعية .
التنوع وحده يبني الإمبراطوريات والمجتمعات فمجد روما جاء من مشاركة جميع أهلها على اختلاف مشاربهم واهوائهم ، وحتى ملوكها أباطرتها جاءوا من الخارج ،، باريس الجميلة المتنورة صنعت على يد رجال ليسوا فرنسيين . وحتى بريطانيا و أميركا فهما تبحثان عن العلماء في كل اصقاع الارض ولا تطرح عليهم اي سؤال عدا هل أنت كفوء ؟ هل انت انسان مُنتج؟ كبرت وتوسعت اميركا لأنها دولة موضوعية، تحارب الألمان وتقاتلهم كجنود وتكافئهم وتحتفي بهم كعلماء وهذه ثقافة مجتمعية انتجت نموذجاً متعايشاً ،
الصين لم تجد حرجاً في ارسال طلبتها الى امريكا والمانيا ليتعلموا على يد أستاذ أميركي ويجلسون إلى جانب تلميذ أميركي ويدخلون معا المختبر الأميركي فعلوا هذا كله وأكثر حتى يتجنبوا السقوط والإنهيار كالسوفيات واستعانوا بالكبير السنغافوري ( لي كوان يو ) ولم يجدوا في ذلك أي إهانة لميار صيني على الأرض ،، وحتى المملكة المتحدة في ايام مارغريت تاتشر لم تجد في الاستعانة بخبراء الاقتصاد الاميركيين آبان الازمة الاقتصادية الكبرى اي اهانة لمجدها وامبراطوريتها العريقة فالحياة لا تبنى الا بالتنوع والمشاركة والانفتاح على الأخر..
كفانا عزلة و اعتزال و لنمض في طريقنا نحو التعايش واستقطاب الاخر والانفتاح على العالم ولنجلب الخبراء والمختصين من شتى اصقاع الارض ليساعدونا في اعمار ارضنا وبلادنا فخير الناس من نفع الناس ،،والغريب النافع خير من ألأخ الضار .
مقالات اخرى للكاتب