ماذا تعرف عن المرأة التي عُرفت بعملها دون إسمها..!
بينما رسول الله يكمل رحلة الإسراء والمعراج، بصحبة جبرائيل في الجنان.
صادفهم قصر جميل وبستان الى جنبه أجمل منه، وامرأة مع ثلاثة أطفال يجلسون وينعمون فرحين أمامه.
سأل النبي الأكرم: من تلك المرأة..؟
فأجاب جبرائيل: بأنها ماشطة بنات فرعون..!
قال النبي: وما قصتها...؟
قال جبرائيل: سألتني فأسمع يا أحمد....
كان عمل هذه المرأة، إنها ماشطة لبنات فرعون، وهي أم لثلاث أطفال، وذات يوم وبينما هي تمشط شعر إحدى بنات فرعون، سقط المشط من يدها، التقطت المشط وقالت: بسم الله ربي وربك..! فقالت البنت وهل تقصدين أبي..؟ قالت بل هو ربي ورب أبيك..! فأسرعت البنت لوالدها وأخبرته بذلك.
أرسل فرعون بطلبها وإحضار اولادها الثلاثة معها، وبعدما وضع أمامها قدر كبير من الماء الساخن، سألها من ربك..؟ قالت هو الله ربي وربك، فأمر أن يلقي أحد اطفالها بالقدر، أنسلخ لحمه، وطفت عضامه على سطح الماء، ثم سألها من ربك..؟ قالت هو الله ربي وربك، آمر بطفلها الثاني، وأيضا إنسلخ وطفت عضامه على سطح الماء، ثم سألها من ربك..؟ وكانت متعلقة جدا بطفلها الرضيع الذي بين يديها، فأرادت أن تدفع موته بالتقية، فأنطق الله طفلها..! قولي يا أماه ما قلتيه على أخوتي، فتمالكت نفسها وقالت هو الله ربي وربك، فألقاها فرعون وطفلها في القدر، وأنتقلت مع أطفالها الى هذا البيت من فورها.
لابد وأنت تقرأ قصة تلك المسكينة، والطريقة البشعة الإرهابية التي إستخدمها فرعون ضد من يختلف معه، أصابك شيء من شعور لا إرادي، ولو أن فرعون موجود في عصرنا هذا، لأخذت منظمات حقوق لإنسان دورها الفعال حيال ذلك، ولكن الحقيقة عكس ذلك مطلقاً، بغض النظر عن جرائم فرعون بمخالفيه، وداعش بمخالفيه، كونهم امتداد لسياسة واحدة، سنجد أنفسنا أمام ذهول، ونحن نشخص ذلك الإرهاب، في تياراتنا وضد أبناءنا.
يذكر لي أحد الإخوة، عندما سألته عن بشاعة الحروق التي على أطرافه ووجهه، قال: كنت في يوم من الأيام، وبعد دخول قوات الإحتلال للعراق، بائع متجول في شوارع النجف، فقدت المنفعة والربح في عملي، واضطررت أن أدخل الى سلك الشرطة المحلية في المحافظة، مع الإنفلات الأمني وقتها بسبب الأحداث المتصارعة، وجدت نفسي بيد عناصر مسلحة، مع مجموعة من أصدقائي الشرطة.
لا نعلم سبب القبض علينا، وأخذنا الى جهة مجهولة لا تعدوا دهاليز الحنانة، لعله إشتباه أو خطأ ما قد حصل وسيحل قريباً، أدخلونا الى غرفة مظلمة، وبعدما أشعلوا لنا النار وجدنا أنفسنا أسرى بينهم، وهم مدججين بالسلاح وملابسهم المتسخه ولحاهم الطويلة، بدأوا ينهالون علينا بالضرب والشتم، وإتهامات بأننا اذناب للمحتل،وكان أحدهم يصرخ "إتركوهم حتى يأتي السيد ... اتركوهم بأمر الشيخ" حتى نحن صار أملنا، بأن يأتي السيد ليخلصنا.
لحظات وإذا بهم يتصايحون حضر السيد، فتنفسنا الصعداء لعله يريحنا من عذاباتنا، دخل ووقف أمامنا وعيناه تتطاير غضباً، وقال بصوت ناقم، أغلوا لهم الماء وأنتظروا أوامري، نقلونا الى مكان أخر، وأجبرونا بأن نحن من نضع الحطب، ونشعل النيران لغلي الماء في القدر، وبعدما بدأ الدخان يملأ فضاء المكان، كانت ارواحنا تتطاير مع الدخان خوفا، جاء رجل من الخارج يصرخ" الشيخ " يقول: أن السيد أمر بإلقائهم بالماء، بتهمة التعاون مع المحتل..!
ألقي أصدقائي واحد تلو الأخر، وكنت أرى اجسادهم وهي تنسلخ وهم يتصارخون، وكنت أخر من إلقي بالماء، بعد نفاذ الحطب كلياً، كان الماء مؤثراً جداً، لكن أجساد الذين قبلي، إمتصت معظم الحرارة، ومع مشيئة الله، فقدت الوعي وأحترقت بهذه الصورة المشوهة، بعدها خلصني احد معارفي ممن يعمل معهم ونقل جسدي الى داره، عرفت منه فيما بعد بأن الجميع ماتوا، إلا انا الناجي الوحيد من قدر فرعون، وفتوى السيد وأمر الشيخ.
غاية الكلام؛ البيئة التي نشأ بها وتطرف قتلة بهكذا اجرام وإرهاب، ليس من الغريب أن ينتقدوا مشروع التسوية او يحاربوه، فهم إعتاشوا على دماء الأبرياء، ونفي الآخرين، وقتل كل من يخالفهم الرأي، وليس بالغريب أيضا أن تكون نهايتهم، كنهاية فرعون، لطالما تشبهوا به من حيث الفعل والعمل.
مقالات اخرى للكاتب