لو عدنا بالذاكرة الى ماقبل عام 2003 والتداعيات التي سبقت دخول القوات الامريكية الى العراق واحتلاله وعند متابعة ما صدر من نقاشات وتحليلات في كواليس البيت الابيض , وماصدر بالخصوص من السيدة الاولى زوجة الرئيس بوش الابن وتصريحها من خلال الاعلام بأن زوجها لايستطيع النوم بشكل طبيعي وأن الكثير من الكوابيس تنتابه خلال نومه وأنه يستيقظ أحيانا من نومه وهو في أشد حالات الارتباك والفزع والسبب بذلك هو أن العراق يُحكم من قبل نظام دكتاتوري وأن هناك خطراً كبيرا على أمن الولايات المتحدة وعلى منطقة الخليج من جراء بقاء ذلك النظام على رأس السلطة , ولم يكن هذا التصريح يعني شيئاً بالنسبة للمحللين والمهتمين بهذا الشأن ولم يعتبروه تصريحاً رسمياً وهكذا أخذ حيزه الاعلامي المحدود ثم لم يعد يدور في أروقة البيت الابيض وكأن شيئاً لم يكن , ولكن الاحداث التي تتابعت بعد ذلك أثبتت أن الكوابيس التي تنتاب الرؤساء الامريكين لايمكن أن تمر بدون أن تُحدث أي تأثيرا في العالم , ولم يمر الكثير من الوقت حتى أمر الرئيس بوش بأحتلال العراق وبدون أن يحصل على تفويض من الامم المتحدة وبدون أن يستطيع أن يُنشأ تحالف دولي كالذي أستطاع أبيه بوش الاب أن يُنشأه في حرب الخليج الاولى .
ولعل قدرنا أن الكوابيس لاتنتاب الرؤساء الامريكان ألا فيما يخص العراق وأن ما يتبعها هو كابوس حقيقي وواقعي على شعب العراق الذي جثم عليه كابوس البعث الدموي لسنوات عدة , وعندما دخلت القوات الامريكية الى بغداد تخلص بوش الابن من الكوابيس التي كانت تؤرق نومه , ولكن الشعب العراقي الذي عانى من كابوس الدكتاتورية أخذ اليوم يعاني من كابوس أخر وهذه المرة بأسم الديمقراطية , ويالهما من نقيضين لايلتقيان الا على قهر وظلم شعب مغلوب على أمره , وكوابيس الشعوب تختلف عن الرؤساء لأنها تؤرق حياة ومصير ومستقبل شعب كامل , وهو يكون بشكل واقعي وليس مجرد حلم يستغرق بضع دقائق , فمنذ سنوات ونحن في أحلك وأقسى كابوس تدميري أتى حتى على البنية المجتمعية وأستطاع أن يقتل فينا الروح الوطنية وجعل الشياطين متسلطون علينا وألبسهم كل ما يمكن أن يكون سلاحاً فكرياً موجها مرة على هذه الشريحة من الشعب ومرة على تلك .
واليوم نسمع خبراً أن السيد أوباما لايستطيع النوم مجدداً لأن الكوابيس تؤرقه بشأن سد الموصل وأنه خائف من تداعيات أنهياره وما سيسببه من أثار خطيرة على المدن العراقيه وعلى العاصمة بغداد ولابد لنا أن نهتم كثيراً هذه المرة بشأن هذا الخبر ونعتبره مفتاحاً لكوابيس أشد ضراوة وفتكا على الشعب العراقي وربما سيهدد وجودنا , فالتجربة تفيد بأن كابوس الرئيس أوباما ليس كسائر الكوابيس وأنه واقع لامحالة وأن له خلفيات ومخاوف تعتمد على بيانات وليس على طيف من خيال أو أفتراض , وهذا ما تؤكده الاستعدادات التي أتخذتها السفارة الامريكية في بغداد والتي تعدادها ثلاثين الف بينما لم تتخذ حكومتنا الرشيدة والتي تنام بعمق شديد بدون أن يؤرقها كابوس سد الموصل أي أجراء ولو من باب التطمين أو وضع خطة أخلاء حتى ولو كانت أفتراضية مع أن تعداد سكان بغداد يتجاوز الثمانية مليون , والخوف كل الخوف أن يكون كابوس السيد أوباما قريباً جداً وأن يكون وقعه كارثياً ومهولاً ولن نستطيع أن نقف بوجهه لضعف عودنا بسبب الكوابيس التي لازالت جاثمة على صدورنا الى اليوم .
ويشاء قدرنا أننا غير قادرين على التخلص من تلك الكوابيس التي تسمى بالجيثوم وهي أخطر الانواع التي تغير المفاهيم الحسية والفكرية وتجثم على روحك وتخرجها من حالاتها الانسانية المتمثلة بالخير والتقوى الى حالات الشر والفجور وتؤسس الى أنقسام مجتمعي وأستشراء الفساد وعبادة الاصنام التي يصنعها ذلك الكابوس لكي تمده بالقوة والزيادة في الضخامة , وكل ذلك يحدث بدون أن نقدر على أقتلاعه من صدورنا وسيزداد قوة ما دام كل منا يستحصل النار لرغيفة , فيا شعب العراق تخلصوا من كوابيسكم وأطلقوا من أعماق أعماقكم أكبر صيحة توقض فيكم عراقيتكم
مقالات اخرى للكاتب