ل ما زال العراق بلدا واحدا او اثنين؟ اذا انشطر العراق الى دولتين , فلماذا هذا الخجل ؟ أعلنوها حتى يرتاح المواطن من هرج ومرج التصريحات. واذا كان العراق مازال بلدا واحدا فمن العدل والانصاف ان تكون القوانين التي تحكمه مطبقة على ابن علي كلي بيك او ابن احمد اوى هي نفسها التي تطبق على ابن عفك او ابن الدوايه . لان من شروط احترام وقبول القوانين هو عدالة تطبيقها وعندما تغيب العدالة سقط القانون وتتلاشى هيبة الدولة. اختلاف تطبيق قانون التعريفة الجمركية بين المنافذ الحدودية هي واحدة من امثلة عدم عدالة تطبيق القوانين.
الحاجة الى إيرادات مالية بسبب تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية هي التي اضطرت الحكومة العراقية الى تطبيق قانون الرسوم الجمركية بعد ان جمد لمدة أربع سنوات. القانون يسمح للمنافد الحدودية جباية ضريبة على المستوردات وبنسبة 30%، وطالما ان القانون قد شرع عن طريق البرلمان العراقي وطالما وان المنافذ الحكومية هي من اختصاص الحكومة الفيدرالية وعليه يجب ان تطبق النسبة على جميع المنافذ الحدودية سواء كان هذا المنفذ في إقليم كردستان او على حدود الأردن او على حدود إيران. والا ان تحمل المنافذ الحدودية في كوردستان البضائع المستوردة الى العراق 5% والمنافذ الحدودية في البصرة تحمل البضاعة المستوردة 30% فان هذه القسمة هي قسمة ضيزى ينتج منها خمسة مشاكل: الأولى هي عدم احترام الإقليم قوانين الحكومة والذي هو جزء منها لحد الان , وثانيا معاملة العراقيين معاملة غير متساوية وغير عادلة , ثالثا , قتل هدف القانون , ورابعا الغاء الفائدة من القانون و خامسا , يكشف عن وجود مشاكل إدارية بين الإقليم والمركز تحتاج الى قوانين لحلها.
إقليم كردستان يجب ان ينفذ القوانين الفيدرالية إذا كان قادة الإقليم يعتبرون انهم مازالوا جزءا من العراق وان لا يشرعوا أي قانون يعارض القوانين الفيدرالية. نسبة الضريبة التي تفرضها المنافذ الحدودية في الإقليم يجب ان تكون بالضبط نفس النسبة التي تقرها الحكومة الفيدرالية والا لا ينتج عن تفاوت نسبة الضريبة الا الفوضى والتنافس التخريبي بين المنافذ الحدودية. الإقليم يجب ان يحترم القوانين الفدرالية لأنها تمثل هيبة الدولة. ان اختلاف نسبة التعريفة الجمركية من منفذ حدودي الى اخر ليس عدلا ولا يساوي العراقيين بالواجبات وهذا بالضبط ما يحدث هذه الأيام. فقد صرح رئيس لجنة المنافذ الحدودية في البصرة ان " قانون التعريفة الجمركية دخل حيز التنفيذ منذ ثلاثة أيام في جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية الواقعة في المحافظة وقد أدى الى انحدار إيراداتها المالية الى مستوى الصفر وأصبحت شبه متوقفة عن العمل نتيجة عزوف التجار عن استيراد البضائع من خلالها " مبينا ان " الكثير من التجار والمستوردين من أبناء المحافظات الجنوبية توجهوا الى إقليم كردستان لإدخال بضائعهم من خلال منافذه الحدودية لان القانون التعرفة الجمركية لا يطبق فيها". السيد قائمقام قضاء الزبير المكلف ذكر ان واردات منفذ سفوان (في البصرة) قد انحدرت من معدل 600 مليون دينار يوميا الى ثلاثة ملايين دينار فقط.
رفض الإقليم تطبيق التعريفة الجمركية او عدم تطابقها مع اقتراح الحكومة الفدرالية يقلل من فائدة التعريفة المالية والتي نص عليها قانون الميزانية لعام 2016 بان تكون موحده. وعليه فان عدم التزام الإقليم بقوانين المركز ليس فقط يقلل من حجم الواردات المالية من التعريفة وانما تعتبر مخالفة للقانون. رابعا، ان الهدف من تشريع قانون التعريفة الجمركية هو حماية المنتوج الوطني من المنافسة الأجنبية , الا ان قرار الإقليم باستخدام نسبة 5% او بدون تعريفة انما يقتل هدف القانون ويترك المنتوج الوطني بدون حماية . ان عدم تطبيق قانون الضريبة الجمركية من قبل جميع المنافذ الحدودية بنسبة ثابته لا يخدم الاقتصاد الوطني وانما يقدم خدمة للأجنبي. البلد يجب ان ينطلق نحو انعاش القطاع الخاص , واحد اهم الطرق لإنعاشه هو حماية المنتوج المحلي لفترة معينة , وهي عادة تستخدمها الدول الصناعية المتقدمة والدول التي في طريقها الى التصنيع . وخامسا، ان اختلاف نسبة التعريفة بين المنافذ الحدودية وان كانت غير قانونية وغير معقولة (في بلد واحد) فان استخدامها يترك تباين في اقتصاديات المحافظات. حسب تصريح المسؤولين في البصرة ان " الموانئ التجارية أصابها الركود بسبب تطبيق قانون التعريفة الجمركية " , موضحا ان " البضائع المستوردة اخذت تتكدس داخل الموانئ لان التجار يمتنعون من انجاز معاملات إخراجها بموجب قانون التعرفة الجمركية الجديد". البصرة سوف تخسر مرتين , تخسر موارد التعريفة الجمركية وتخسر الموارد المالية من تخزين وشحن البضائع .
ان إقامة نقاط تفتيش عند مخارج إقليم كردستان باتجاه المركز وتدقيق أوراق البضائع الداخلة اجراء غير سليم وغير واقعي , لان الاجراء يمثل دعوة لتشجيع الرشاوى في ظل فوضى تكدس عربات الحمل وربما يؤدي الى اتلاف البضائع المستوردة بسبب التأخير . نفهم ان الحكومة المركزية ليست لديها الوقت والمعدة للتعامل مع هذه القضية وذلك لكثرة مشاغلها والتي تفوق عدد مشاكل روسيا وامريكا مجتمعتان , ولكن الجلوس مع قادة الإقليم ووضع قواعد واضحة للتعامل سوف يحل الكثير من المشاكل القائمة والا يصبح المثل العراقي هو سيد الموقف " انت ابن عمي وانا ابن عمك لا انت يمي ولا انا يمك".
مقالات اخرى للكاتب