هناك نصوص في التوراة تعتبر العراق ساحة لمن يريد أن يسفك الدماء ويقطع الرؤوس ويتفنن في ذلك ’ وتشبه مشاهد الدم بموسم الحصاد قد أينعت فيه الثمار أو أصفرت فيه الحنطة وحان وقت القطاف ’ ومن سوء حظ العراق والعراقيين أن يوصف الفتك بهم والقتل الجماعي على أنه موسم يتم أنتظاره بشغف ولهفه بغية جني الثمار كي تتم الفرحة . لا أتصور أن شعبا آخر غير العراق تم وصفه بهذه الأوصاف في التوراة ’ وهذه الأوصاف نجد أن أهل بابل كالبيدر وقد حان أوان درس حنطتة ’ وبعد قليل يأذن موعد حصادها ’ لم يستخدم هذه النصوص أحد من الذين حكموا العراق كخطاب يخاطب به العراقيين ’ حتى صدام حسين لم يستخدم هذا النص أو الخطاب ’ بل على العكس كان يمدح العراق والعراقيين ليلا نهارا في خطابه ’ وكان دوما يصفه بالعراق العظيم ’ وفي طبيعة الحال يصف صدام حسين العراق بالعظيم من وجوده التاريخي ومن شخصه بعتباره هو العراق ’ فأذا قال صدام قال العراق هذه الشعارات كانت هي المألوفه في العراق العظيم عراق صدام حسين ’ فلم يخاطب العراقيين بهذا الخطاب التوراتي ( ألا الحجاج ابن يوسف الثقفي ) عندما كان واليا على العراق أيام الحكم الأموي ’ حينما دخل العراق قال ( أني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها ) فقد شبه العراق والعراقيين بموسم الحصاد آن آوان حصده وقطفه ’ فهذا الوصف هو الوصف الأول الذي يتطابق تماما مع النص التوراتي الموجود في نبوءات (إرميا) أن النصوص التوراتية ونبوءاتها تقول أنه سيحصل في العراق البلاء الى النهاية ’ ومعنى ذلك وبناء على كل المعلومات ’ أن هناك من يسعى لتحقيق هذه النبوءات لأنها أرادة ألهية وهناك بعض من النصوص في النبوءات تتحدث عن نكبات العراق ومآسيه نذكر بعضا من تلك النصوص في سفر (إرميا) ( أرض تصير فقرا جافا وصحراء وتظل بأسرها مهجورة خربة وكل من يمر ببابل يصيبه الذعر ويصفر دهشة لما أبتليت به من النكبات ) وفعلا أن من يزور العراق يصاب بالدهشة والذعر من سوء الخدمات ومن كثرة الفقر والحرمان والحزن ’ ونجد أيضا في سفر (إرميا) ’ ( أن أثير وجلب على بابل حشود أمم عظيمة من الشمال فيتألبون عليها ....فتصبح أرض الكلدانيين غنيمة وكل من يسلبها يتخم ...هاهي تصبح أقل الشعوب ) ولو تأملنا جيدا في نبوءات إرميا لوجدنا أن العراق فعلا تكالبت عليه كل الدنيا ’ والعراق كما تقول النصوص التوراتية غنيمة لكل من هب ودب فالكل حلب منه وأغتنى على حساب شعبه منذ أن تأسست الدولة العراقية عام 1921م والى اليوم فقد تعمرت بلدان مجاوره جراء تلك الحروب والدمار الذي تعرض له العراق ’ وزدادت الشركات العالمية الكبرى ثراءا فاحشا الى أن أصابتها التخمة ’ كما يقول النص التوراتي ( وكل من يسلبها يتخم ) وأصبح العراق والعراقيين من أكثر الدول تخلفا في العالم’ أذ لا نستطيع أن نقارن أي دولة متخلفة بها لما تملكه من ثروات هائلة ولكثرة ما أتخمت الآخرين بالمليارات ’ ولكنه فقير ومنكوب وغير معمر ’ نستطيع أن نقول أن كل ما جرى ويجري في العراق من فساد أداري ومالي وأخلاقي يفوق المألوف بل تجاوز حدود المنطق البشري الطبيعي ’ أنني عاجز عن وصف الجرائم والنكبات والكوارث التي ألمت بالشعب العراقي والعراق ’ ولكن سيتحمل مسؤليتها كل من له نفوذ وقرار في بلاد الرافدين المنهوب..
مقالات اخرى للكاتب