لكل مهنة خصوصية وأخلاقيات وقوانين تحكمها، لكن مهنة الصحافة والإعلام تمتلك خصوصية كبيرة تتميز عن الباقي، كونها تستهدف عقول وعوطف الناس وتغذيتهم بالمعلومات. أن حرية التعبير شرط أساسي للأعلام الناجح، وهي تمثل مكسب حضاري وجزء لايتجزأ من الحريات الأساسية المنصوص عليها في الأعلان العالمي لحقوق الإنسان.لقد أصبح واقع الأعلام في العراق تحت قبضة الصراعات السياسية والتفاهات بسبب العشوائية والغوغائية من خلال التراشق الإعلامي بين السياسين وجملة المحللين في الفضائيات العراقية، سيما أن الساحة الإعلامية أصبحت حقلا يعبث فيه من كل هب ودب. عشرات من القنوات والتي تحولت بدورها إلى حلبة للقتال بالألفاظ النابية، والعديد من الصحف جاءت بعد عام 2003 التي تخلت عن مهمتها الأساسية ودورها الفاعل في المجال الحقيقي للإعلام وذلك بأبتعادها عن المهنية والحرفية حيث انقلبت بدورها على الشرعية الأعلامية، وأصبح الإعلام في العراق (المرئي والمكتوب)
عبارة عن معارك كلامية واتهامات، بل وذهب البعض من الساسة إلى أبعد من هذا كله لتكون الشتائم والسباب فيما بينهم لغة الحوار في الفضائيات وأمام الملايين.إن الإعلام العراقي بات يحلل دم المعارضين والمنتقدين للعملية السياسية ويقدم رقبة كل من يكون ضد هذه الطبقة السياسية إلى القضاء ، كون أن هؤلاء الساسة والوجوه المتكررة على شاشة التلفزة أصبحوا نجوم هذه الفضائيات، إلا أنهم في الحقيقة مجرد كومبارس يرددون مايتلى عليهم من رؤوساء الكتل والأحزاب السياسية.لقد تخلت المؤسسات الإعلامية والصحفية في العراق عن الموضوعية والشفافية وأنحرفت كثيرا عن ألف باء العمل الإعلامي والصحفي في تدقيق معلوماتها، حيث قامت بتلوين الأخبار طبقا لمصلحة خاصة وليس للمصلحة الإعلامية. أن الإعلام اليوم يمارس التضليل المتعمد والتحريف وإحلال الأخطاء والأكاذيب محل الحقائق الثابتة. لعل من الضروري لمن يمارس مهنة الإعلام اليوم والتي باتت من أهم المهن في العالم أن يلتزم بالمعايير الأخلاقية والدقة والحيادية، في الوقت نفسه لابد للاعلامي الشريف وصاحب القلم النزيه ان يتسلح بالعدالة والأمانة والإنصاف.واخيرا:يقول الحق تبارك وتعالى في كتابه العزيز(ن والقلم ومايسطرون).
مقالات اخرى للكاتب