ينعقد مؤتمر القمة العربية في ظروف حرجة ودقيقة اذ تشهد معظم الدول العربية قضايا ومشاكل خطيرة سيكون من الصعب على الملوك والرؤساء العرب حلها او التفاهم والاتفاق على مواصلة وضع الحلول الناجعة لها حتى بعد انفضاض المؤتمر ومن بينها مشكلة الصراع الدموي في اليمن التي تساهم في تأجيجها بصورة مباشرةكل من المملكة السعودية وبعض دول الخليج. ولا نعتقد ان يوم او يومين من اجتماعات المؤتمر كافية لحلها وتليها مشكلة الصراع في سوريا التي تشترك فيها نفس هذه الدول اضافة الى تركيا واميركا واسرائيل والتي مضى على اندلاع نارها اكثر من خمس سنوات دونما طائل كان حصيلتها الدمار الكامل للشعب السوري ومدنه ومؤسساته الاقتصادية ونضيف الى تلك المشاكل ما يحدث في ليبيا والتناحر بين القوى السياسية والعسكرية الليبية فيها بتحريض وتدخل اجنبي ولم يسلم السودان والصومال من مشاكل مشابهة، وعليه فان انعقاد مؤتمر القمة العربية في مثل تلك الظروف المعقدة لا يعدو عن كونه اجتماعا تقليديا وروتينيا درجت عليه الدول العربية وكجزء من نشاط جامعة الدول العربية التي بقيت الكثير من قرارات مؤتمرات القمة السابقة على رفوفها العالية يعلوها الغبار ومن بينها قرار الوحدة الاقتصادية الذي لو تحقق لما احتاجت اغلب الدول العربية الى استيراد غذاء شعوبها من الدول الاجنبية.
ولا يمكننا ان نغفل ذكر القضية الفلسطينية وهي القضية المركزية للعرب اجمعين وحاضرة في جميع المؤتمرات العربية والتي اخذ الاهتمام بها يتراجع يوما بعد آخر خاصة وان معظم الزعماء العرب قد آمنوا بحل الدولتين الذي انضجته الحكومات الاميركية على نار هادئة وأيدته غالبية دولهم حتى ان بعض القوى الفلسطينية التي كانت تحمل السلاح ضد الكيان الصهيوني في سالف الايام قد وجدت فيه الحل الامثل والمريح لقادتها.
ومما اضعف صوت فلسطين في الساحة العربية ظهور نزعة تشير الى ان الخطر الايراني يبقى اكبر من الخطر الاسرائيلي ويدعو بعض الزعماء العرب سرا وعلانية للتصالح مع اسرائيل كما فعلت بعض الدول العربية والتهيؤ لمقاومة التدخل الايراني وصده حتى وان اقتضى ذلك اشعال نار الحرب بالتعاون مع بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية ومثل هذه النزعة التي تتفاقم في نفوس بعض المسؤؤلين العرب اخذ ضجيجها يعلو ناسين او متناسين بأن هذه الحرب التي يسعون اليها ستكون حربا عالمية ثالثة لا يسلم الداعون اليها من فواجعها وكوارثها وحتى لو بقيت الحرب باردة كما يحصل الآن بين روسيا واميركا فان الايام القادمة وبفضل سياسة ترامب ستجعلهم بالنتيجة يذعنون صاغرين لقرارات اميركية جديدة مجحفة بحق الشعوب العربية ومن بينها قرار تقسيم بعض الدول العربية وقرار نقل مقر سفارة واشنطن من تل ابيب الى مدينة القدس باعتبارها عاصمة دولة صهيون وهذا ما يريده نتنياهو وعلى المسؤولين العرب ان يشربوا من بعد ذلك ماء البحر أو يطمروا رؤوسهم في رمال
صحاريهم.
وربما ينبري لي احدهم ويقول: ما لك نسيت قضية الارهاب وما فعلته داعش بارض العراق؟ فأقول له متسائلا: ترى من الذي اوجد هذه العصابة التكفيرية وادخلها الى العراق؟ ومن اين لها تلك القوة المذهلة وذلك السلاح الوفير ومليارات الدولارات التي تغطي بها نشاطاتها الحربية والاعلامية؟
اليس ذلك قد تم كله من قبل بعض من يشارك الآن في مؤتمر عمان؟ واذا ما قرر هذا البعض نفض ايديهم من مساعدة عصابات داعش فجزاهم الله خيرا وعليهم اذا كانوا جادين فعلا العمل على اصدار قرار بمساعدة العراق بتعمير ما خربته تلك العصابة في المدن التي حررها الجيش العراقي بقواه الذاتية، والطلب من صديقتهم الدولة العثمانية بالتعجيل بسحب قواتها من الاراضي العراقية والطلب كذلك من صديقتهم حكومة ترامب غض النظر عن قصة تقسيم العراق لان الشعب العراقي سيبذل الغالي والنفيس من اجل وحدته واستقلاله وسيكون مؤتمر عمان الكاشف الحقيقي عن الشقيق والصديق الذي يحب العراق وشعبه ويسعى الى استقراره وكذلك سيكشف عن اولاد العم الذين ملأ قلوبهم ونفوسهم مرض
كره العراق.
مقالات اخرى للكاتب