ماذا تحمل ذاكرة العراقيين من تصورات وآراء حول يوم 2 أب من العام 1990 ؟ عندما شهدت المنطقة ، وعلى يد من يدعي انه صاحب مشروع انبعاث الأمة ومجددها ، حماقة من العيار الثقيل ، بغزو الكويت ، في سابقة لم تحصل في التاريخ الحديث ، ولكنها حصلت لتعبر عن نزوة ورغبة صاحب الغزوة في تحقيق المزيد من الفتوحات والانتصارات الوهمية ، عسى ان يمنحه الحلفاء والأصدقاء تعويضات خسائر حماقة سابقة تحت عنوان ،الدفاع عن البوابة الشرقية للوطن العربي .
زلزال غزو الكويت وبعد 23 عاما على مروره ، شغل ذاكرة الكثير من العراقيين وقواهم السياسية ، وجعل الحكومة الحالية تقوم بدفع التعويضات وتقديم التسهيلات ، وربما حتى التنازلات لغرض تطبيق قرارات الأمم المتحدة ، للخروج من طائلة الفصل السابع ، وتحقق لها هذا الإنجاز ، وكعادتها ، زفت بشرى الخروج من العقوبات الدولية للشعب العراقي ، ليحتفل بطريقته الخاصة مع نظيره الكويتي بإزالة جميع مظاهر "الغزو " والعدوان .
السؤال المتداول حول غزو الكويت هو ماذا جنى الشعب العراقي من زلزال 2 آب؟ ، والجواب على هذا السؤال جاء بقرارات أممية ، وعملية عسكرية دمرت البنية التحتية ، وجعلت شعب النفط ، تحت ظروف اقتصادية صعبة ، فاضطر الى الفرار من الوطن والبحث عن ملاذاتآمنة في دول خارجية، فيما ظلت راية انبعاث الأمة وتجديد مشروعها النهضوي ، توزع مع مفردات البطاقة التموينية ، من اجل تحفيز العقل العراقي لخوض معركة قومية مصيرية أخرى.
إعلام النظام السابق وفي كتاب "المنازلة الكبرى " قدم شاهد إثبات على ان قرار غزو الكويت صدر بعد ان فشل اجتماع عقد في المملكة العربية السعودية حضره الأشقاء من كبار المسؤولين العراقيين والكويتيين ، لتسوية الخلاف بين البلدين ، وفي الثاني منآب "تأججت الغيرة اليعربية والشهامة البدوية " فانتفضت لتعيد أمجادالأجداد وفتوحاتهم ، عندما وصلوا الى بلاد السند والهند شرقا وحتى بحر الظلمات غربا ، وبدأت الصفحة الأولى من ملف"طيحان الحظ" الذي يعد واحدا من ابرز الملفات الشائكة والعالقة في العراق ، ومازال يحتفظ بكل تداعياته وانعكاساته .
بعض القوى السياسية العراقية وبعد مرور عقدين على الغزو، تعاطت مع هذا الملف بطريقة وأسلوب كتاب المنازلة الكبرى ، بمعنى انهالاتريد التخلص من النزعة الانتقامية في التعامل مع الآخرين ، وخطورة هذا التوجه تكمن في تحشيد قواعدها الشعبية على قبول التعامل مع الثاني من آب بوصفه يوماً قوميا كان يهدف الى توزيع الثروات العربية بشكل عادل ، لمواجهة المخططات الصهيونية والامبريالية ، وهذا الموقف تخلى عنه حتى عزة الدوري ، عندما قال في خطاب منسوب له بث عبر عدد من وسائل الإعلام الثلاثاء الماضي بان غزو الكويت كان "هفوة تاريخية" ، وبين الهفوة والجفوة ، يبدو ان الرفيق الدوري يرغب في تصحيح ما تحمله ذاكرته عن زلزال الثاني من آب اللهاب .
مقالات اخرى للكاتب