من بلائاتنا الكبرى اننا بلد محكوم بالتوافقات السياسيه التي اصبحت جوهر ولب العمليه السياسيه الملغومه باسباب الفرقه والمتبنيه لأليات مخطوءه انتجت هذه المسارات المتوجهه نحو اعماق التاريخ في الزمن الذي اصبح فيه المستقبل هاجس السياسيين في كل انحاء المعموره , وكأن هذه العمليه صُممت بقصد إطاحة الشعب المرهق حتى أذنيه بحصيلة مؤذيه من ضحايا الحروب ومتاعب التجويع المتعمد لتضيف له قلق وعدم ثقه بالمستقبل , ولتشحن الجميع بشحنات هي مزيج من التخلف والخواء الفكري من جهه ورفع أُس الضغينه بالتقاطع مع الشريك من جهة أخرى .
أن صيغة (المفاوض الصعب) الغالبه على سلوك اكثر أطراف العمليه السياسيه ضد بعضهم الاخر قذ ضاعفت من إرهاق الشعب , لاسيما ان الجميع يتكيئ على أطراف خارجيه لاتهتم بما يحصل للمواطن البسيط , وتبعا لذلك اصبح أقطاب السياسه في الداخل –بحكم تنفيذهم لمآرب الاسياد- عامل إجهاض للسلام والاخاء الوطني وهلهلة النسيج العراقي مقابل ما يحصلون عليه من خيرات العراق وليس من خزائن الاسياد .
ومن بين العديد من الممارسات التي يقوم بها (ألأخوه ألأعداء والتي تزيد من أزمات الداخل وترفع مستوى التوتر هي مفاضات توزيع المناصب التي تعددت وتضاعفت مكاسبهم بها بقدر ما ضاعفت من مآسي الشعب , والملاحظ ان عملية إقتسام هذه المواقع وغنائمها تزداد تعقيدا بمرور الزمن , فبعد كل عمليه انتخابيه نشهد بروز عوامل جديده فاعله على الساحه العراقيه تبدو وكأنها وِضعت لتكريس عُقد المشهد المأزوم , مع الابتعاد كليا عن الحافز الوطني , وليس أدل على ذلك مما نشهده اليوم في مطارحات الفرقاء ومُلاسناتهم رغم المأساة الوطنيه والمحنه الكبرى التي يعيشها البلد من غزو عصابة داعش واحتلالها لجزء كبير من أرض العراق واقامة دولة الخلافه المتخلفه بكل المقاييس , فقد تحولت هذه النكسه الى سبب لتخوين الفرقاء لبعضهم بعيدا عما يجب ان يكون من رد فعل موحد لوقف نزيف الدم والتهجير وإمتهان الكرامه الوطنيه ... وأمعانا في (تقسيم المُقَسم) اصبح الشقاق أوسع من ذي قبل , فمن خلاف مكون موحد ضد المكون الثاني الموحد هو الاخر أصبحت الخلافات اكثر تعقيدا إذ ان داخل كل مكون اصبح متشظيا , وهذه سابقه خطيره تجعل اكثر الناس بعدا عن (نظرية المؤامره) لايرى في ساسة العراق الاكثر تاثيرا في مجريات الامور غير احجار شطرنج تحركهم أيادي متضاربة المصالح مختلفة الرؤى لاهم لها غير (تمييع) العراق الدوله .
أن المخاض الصعب الحالي قد أظهر اللاعقلانيه في التصرف أزاء الأخر ومن اكثر الاطراف , وقد نشهد إتفاقا بين أطراف من مكونات مختلفه مازالت تعيش عقلية الطائفيه والجهويه ولم تنسلخ عنها لصالح الكل الوطني لتُقيمَ مثل هكذا إتفاقات , بل هي تعمل لمصلحتها الاكثر ضيقا من المصالح المكوناتيه وهي بالتالي تُسهِم بأضافة أزمات إضافيه , وماتم لحد الان من توافق على منصبي رئيس مجلس النواب ورئيس الجمهوريه إيجابي لكنه لن يُلغي احتمالات تعقيد المشهد لأن المنصب الأكثر أهميه مازال غير محسوم , أضافة لما يترتب على مابعد اختيار رئيس مجلس الوزراء من توزيع حقائب ستكون محط شد وجذب لن ينتهي بيسر .
مقالات اخرى للكاتب