المشككين على مر التأريخ, اعتبروا ثورة الحسين طلباً للسلطة, وحاولوا تحجيمها وتبسيطها لتتناسب مع حجم مكانتهم وأسيادهم, ولكن المؤيدين, بالرغم من أنه لم يستطع أي بشر أن يستوعب بشكل متكامل هذه الثورة, يعتبرونها اختزالا لكل الحق على مر العصور, ضد الباطل كله, وهي ثورة لا يتسع أي مقام لذكرها.
خلق تعالى النور المحمدي قبل كل شيء, ثم خلق من اجله ومن اجل قضيته السموات والأرض, والفضاء والنجوم والكواكب والأشجار والصخور والجبال, وكل الأحياء والجمادات, وهي أمور لو تفكر العقل البشري فيها, لعطب وتوقف عن العمل.
خلق تعالى الأنس والجن ليعبدوه, أي يطيعوه في كل ما يأمرهم به, لحكمة (النور المحمدي الذي يحمله آدم) اختار الأنس ليكونوا أسياد للجن, فطلب من إبليس أن يسجد لآدم عليه السلام, (السجود هنا يعني الطاعة), ولكن إبليس آبى واستكبر, وكان يمتلك عذرا غير معذور فيه, هو أنه مخلوق من النار, أي أفضل من آدم المخلوق من الطين, فأخرج من القضية وأصبح عدوا ومتحدياً له تعالى, ووعد بأن لن يسمح للبشر بتنفيذ هذا الأمر.
انتقال النور من نبي إلى آخر على مر العصور, وانتقال الأمر الإلهي بالطاعة معه, سبب الكثير من الصدامات والملاحم, التي استمر فيه أتباع إبليس من الإنس والجن, بالرفض لطاعة هذا الأمر, وحث أتباعهم من الطرفين على عدم الأيمان به.
حمل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى النور في داخلهم, واصطدموا بأقوامهم والمتعالين على أمره تعالى من الملوك وغيرهم, فقتلوا وشردوا واحرقوا وصلبوا, لكنهم لم يستسلموا من توصيل النور والراية والرسالة, إلى سيد البشر أجمعين, محمد صلواته تعالى وسلامه عليه وعلى آله.
أختصر وأختزل خير البشر, معاناة كل الأنبياء أجمعين, لإعلاء كلمة الحق, إلى أن اقترب عمره الشريف من النهاية, فأمره تعالى أن يبلغ الأمر الأهم على الإطلاق, (وإن لم يفعل فما بلغ رسالته), وهو أمر أخر بالطاعة, لعلي من بعد محمد عليهم الصلاة والسلام, ولكن الحاسدين أتباع إبليس رفضوا مرة أخرى, أتباع الأوامر, ولكن هذه المرة, لا يملكون عذر سوى الحسد والمرض الذي في قلوبهم.
تعنتوا وتصدوا لما لا طاقة لهم به, فانفصل بسببهم وبسبب سياساتهم الرعناء الباطلة, الدين والقرآن عن البشر, فكاد تعب وعناء كل الأنبياء والمرسلين والمؤمنين والصالحين, أن يذهب أدراج الرياح, لولا صرخة الحسين المدوية, وثورته التي هزت ضمائر الناس, فأصبح منارا للثائرين, المرددين شعار الصرخة بوجه الطغاة, على مر التاريخ, هيهات منا الذلة..هيهات منا الذلة..هيهات منا الذلة.
مقالات اخرى للكاتب