معلوم أن سك العملة محكوم بقوانين وضوابط دولية مُلزمة للحكومات،لجهة تحديد قيمتها والأعتراف بها عالمياً،وعلى أساسه تلتزم الدول بصرامة ومسؤولية بتلك الضوابط،من أجل تداول عملتها عالمياً،والسعي لاندماجها في السوق العالمي بمستوى يحقق لبرامجها الاقتصادية النجاح الذي يؤكد صحة برنامجها السياسي.
مايسمى بـ(الدولة الاسلامية)التي أعلنتها عصابات داعش في العراق وسوريا، ذهبت بعيداً في (مفردات التأسيس)كأنها دولة معترف بها عالمياً،فقد أصدرت قوانينها الحاكمة للسلوك وفرضت الاجراءات والعقوبات،وغيرت العناويين والأسماء وألزمت السكان في المناطق التي سيطرت عليها بالخضوع والالتزام،ودونهم العقوبات الجائرة،وصولاً للقتل بأبشع صوره!.
كل ذلك لايدعو للدهشة،لأن أعلام هذه العصابات الذي يروج لأفعالها يدل على منهجها الوحشي في بناء كيانها الغريب على كل المفاهيم الانسانية،لكن الملفت والنوعي من تلك الافعال هواعتمادها عملة خاصة أسمتها (الليرة)*،في وقت لم تستقر أوضاع(دولتها)،كأنها تريد أن يتقبل الجميع وجود هذه الدولة،بالرغم من استمرار الحرب بينها وبين الجيوش النظامية للدول التي أغتصبت جزء من أراضيها!.
الى الآن لم تسيطرعصابات داعش على عاصمة لتعلنها مركزاً لحكم خلافتها،والعواصم هي المراكزالتي تُسَكُ فيها العملات بالاتفاق مع الجهات الدولية،وأن كان هناك مواقع جغرافية خارج العواصم يتم فيها ذلك في بعض البلدان،فانه محكوم بالاستقرار السياسي والأمني،وهي تحتاج الى تقنيات ومكائن ومواد أولية ومنشآت وخبراء،لا تتوفر في المدن التي سيطرت عليها داعش في العراق وسوريا.
كل ماتقدم يدل على أن عصابت داعش تستورد عملتها من خارج مناطق سيطرتها،وأن قراءة لأمكانات وظروف البلدان المحيطة بمناطق نفوذ داعش،ترجح تنفيذ هذا النشاط الكبير والنوعي في تركيا المفتوحة حدودها مع العراق وسوريا لصالح داعش،وسك العملة في تركيا ليس أهم ولاأصعب من تجميع وتدريب وتجهيزالمرتزقة من بلدان العالم وادخالهم لسوريا والعراق عبر الاراضي التركية.
أن مراكزسك العملة في تركيا لم تجد صعوبة في سك عملة داعش،فالمواد متوفرة والمكائن جاهزة والادارات تابعة للحكومة والمردود الاقتصادي مغري،والأهم أنها(ليرة) مثل شقيقتها الليرة التركية !!
مقالات اخرى للكاتب