في واحدة من مقومات هذه الرواية أنها قامت على بنية الذاكرة ولاشك أن هناك معدلات في هذه البنية تتراوح مابين النسبي وبين المطلق سواء في القريب القريب من الذاكرة أو البعيد منها فالنسبي هنا مكونات المكان والمطلق حركة هذه المكونات من حيث التفكير والوظيفة أي الإنسان وموجوداته ومن ضمنها وسائل العمل ووسائل التنقل وما يتبع ذلك من ضرورات الحياة اليومية والمقوم الآخر أن الرواية تستند بالأصل الى مفاصل تاريخية والإيغال بالوقائع التاريخية يُحول النص الأدبي الى كتابةٍ مؤرخة وبالتأكيد فأن العمل المهم للكاتب في هذه الرواية أنه إستطاع من النجاة من سرد الوقائع التاريخية كما يفعل المؤرخ ونأى بها عن الكيل السردي ضمن إطاره السياسي والإجتماعي
لأن هذه الإنتقالية أو ماأسميناه هذا الهروب يتطلب عرض الذاكرة على شاشة ذات نطاق أوسع ثم العمل على إلتقاط المؤثرات التي تنسجم مع إنتقالته تلك إضافة الى إختيار اللغة ذات المدلولات التصويرية والقصد الشعري لإعطاء شخوص الرواية ملامحهم التي كانوا عليها أبا حدوث فعل الحدث وكان الروائي آنذاك في الرابعة من عمره ،
رواية البيت الكبير لكاتبها الروائي الكولومبي ألفارو سبيدا ساموديو مستوحاة أساساً من حادث تاريخي يتعلق بأضراب عمال الموز على الساحل الأطلسي الكولومبي عام 1928 والذي قال فيه أحد الجنود الذين أرسلوا لقمعه ربما يكون المضربون على حق فالمناخ الذي كتبت فيه الرواية هو ضمن المناخ الأدبي الجديد لكتاب أمريكا اللاتينية والذي إنتشرت فيه آنذاك كتابات ماسميت بالواقعية السحرية كما أنها رافقت من حيث الزمنية قيام الحركات الثورية والتي كانت تنادي بالخلاص من الإستغلال وتحرير الأرض والخلاص من العهر السياسي والخنوع الإجتماعي وكانت الحركات اليسارية تقود المواجهات ضد السلطات الحاكمة وقوى رأس المال المتمثلة بتجار المخدرات والحروب ،قَدّمَ ساموديو روايته عبر مجموعة من الفصول (الجنود –
الأخت – الأب – القرية – المرسوم – الأخ – الأطفال - ) ويستطع القارئ أن يلتقط من هذه الفصول أشكالا متنوعة من الصور الشعرية التي تتقدم على الوقفات التذكيرية للوقائع مقرونة بالأسلوب الحواري الذي يجمع مابين الحوار ذا الشكل المباشر والحوار الذي يجمع بين السرية والمضامين الغريبة كون هناك موضوعات فرعية ذات أهمية يتحدث عنها الكاتب ومنها موضوعة العزلة الى جانبِ موضوعه المركزي قمع إضراب عمال الموز ونعتقد أن مؤثرات أخرى أثرت هذه الرواية ومنها أن ألفارو كان قد عمل في الصحافة وعمل مخرجا للأفلام القصيرة وزامل نخبة من الروائيين والتشكيليين ومنهم غارثيا مركيز وصديقه الرسام اليخاندرو أبريغون، الجدير بالذكر هنا أن ألفارو لم يكتب غير هذه الرواية وأنحاز بشكل أو بأخر الى كتابة القصة القصيرة والتي كان من خلالها يثير موضوعات البحث عن الهوية وكيفية ممارسة الحرية بعد التخلص من الإستعمار الإسباني ولابد هنا من الإشارة الى أن حركة الحداثة الشعرية في أمريكا اللاتينية والتي بدأت منذ العام 1888 والتي إستمرت الى 1910 كان لها مؤثرها في الجنس الروائي وهذا ما إنعكس على روايات العديد من الروائيين في أمريكا اللاتينية.
*q.poem@com
هامش /
البيت الكبير /رواية للروائي الكولومبي ألفارو سيبيدا ساموديو /تقديم غابريل غارثيا ماركيز / ترجمة محمد علي اليوسفي ،
مقالات اخرى للكاتب