كلما قال المالكي "أنا منقذكم من الضياع" اضحك.
فهناك رئيس وزراء يريد التأكيد لنفسه، ولمن يسمعه أنه " لولاه " و "لولا " ائتلاف دولة القانون لانهار العراق"، لم يحدد طبعا متى وأين أنقذنا من الانهيار، هل في فترة حكمة الأولى؟ أم بالثانية التي لا نزال نعيش عواصفها، أم في الثالثة التي يريد لها ائتلافه أن تكون قدرا محتوما على العراقيين؟
المالكي ينطلق بداية من أن البلاد على شفا هاوية، وأنها كانت مقبلة على كارثة، "لولا"!!
المالكي في خطابه الاخير يثبت للعالم ان "الواقع اكثر سحرا من الخيال".. حيث سمعنا وشاهدنا كيف تتحول السياسة الى كوميديا سوداء.. فعندما يعتقد البعض ان هدر مليارات الدولارات في مشاريع وهمية، وغياب الخدمات الاساسية، واصابة الامن والامان بمرض الهشاشة، والازمات السياسية التي تهدد استقرار البلاد ووحدتها، إنها منجزات ساهمت في تجنب البلاد الانهيار.. هذه هي الدولة التي يروج لها البعض، وهذا هو ائتلافها "لولا" الذي عشنا معه سنين عسل لم ينته مذاقها حتى هذه اللحظة، وهذا هو الائتلاف الذي لايزال قادته يعتقدون أننا نعيش محنة دائمة ونحتاج الى منقذ، وهو مفهوم للحكم يصر على ارتداء معطف وقبعة "القائد الضرورة".. سياسيون ومسؤولون يلعبون على قلق الناس وأمنها ويتصورون انهم يستطيعون اعادة انتاج نظام مستبد في صورة ائتلاف "منقذ من الهلاك".
ائتلاف "لولا" مصر على إنتاج رئيس وزراء بلا دولة مؤسسات.. وهي الفكرة التي تقول إن هناك مجموعة قليلة فقط من المسؤولين والساسة هم وحدهم الذين يعرفون كيف تقاد سفينة البلاد وسط بحر هائج من الأزمات والمحن، ائتلاف "لولا" يصر على أن يبقي العراقيين أسرى لتربية ممنهجة ترى الحاكم "منقذا" والخروج على تعاليمه معصية، وعدم تنفيذ أوامره جريمة، ومخالفة "قبضته" نكرانا للجميل.. ساسة لايزالون يصرون على ان الشعب مجرد قطعان تنتظر أن ترمى إليها الفتات من وراء الأسوار.
كانت الناس تنتظر رداً يقول لها لماذا اخلف الساسة والمسؤولون في وعودهم خلال العشر سنوات الماضية؟، فخرج عليهم رئيس الوزراء وائتلافه بتصريح من عدة كلمات يقول: " ان قائمة دولة القانون ستحصل على الأغلبية السياسية في مجالس المحافظات حتى تتمكن من تحريك المياه الراكدة وتحقيق الخدمة والانجازات والاعمار وسيكون لها الحضور الأمثل والأكفأ والأكثر في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة نتيجة لتاريخ الأشخاص في تلك المجالس في الدورة الحالية والمرشحين للدورة المقبلة واخلاصهم للعراق،"
مثل ملايين العراقيين لا أملك أن امنع أي سياسي من أن يترشح لانتخابات مجالس المحافظات، مادامت الديمقراطية منحته هذا الحق، ولكن في معظم دول العالم نجد أن العديد من الساسة يمارسون فضيلة مراجعة النفس والاعتراف بالخطأ والذي يشكل اليوم جزءاً من نسيج الحكومات المتحضرة، وتاريخ الاعتذارات مليء بالمواقف الصعبة لعدد كبير من المسؤولين في الغرب وهم يخرجون للناس يقدمون اعتذاراتهم، ومعها خطاب الاستقالة بسبب أفعال أضرت بالمصلحة العامة.
كنت أتمنى لو سأل السيد رئيس ائتلاف دولة القانون: ما الذي تحقق في الدورة السابقة لمجالس المحافظات، هل يعيش ابناء المحافظات جميعا متساوين بالحقوق والواجبات؟ هل شعار حكوماتنا المحلية الكفاءة أولا؟ هل بنينا دولة مدنية لا تميز بين المواطنين؟
هل أبدعت مجالس المحافظات في الإعمار، وتوفير الامن والامان أكثر من إبداع مسؤوليها في تعليم الناس الحشمة الأخلاق الحميدة، وفنون الانتهازية والتزوير؟
لماذا ينسى الذين اعدوا المسرح للمالكي، ولقادة ائتلاف دولة القانون، كل المآسي التي مرت بها البلاد، ام ان مسرح الانتصارات والخطب الثورية ومحاولة صنع "المنقذ" لا يعترف بالمآسي والكوارث التي تعيشها الناس كل يوم، لماذا بعد عشر سنوات من التغيير لا يزال البعض يرى أن الكذب ذكاء سياسي يجب استغلاله الى أقصى حد؟
لماذا يصر البعض على ان الناس عمي لا يرون، وإنهم يصدقون كل رواياتهم، وإنهم فقدوا نعمة الرؤية فأوكلوا المهمة الى رجال أشداء في ائتلاف "لولا".
لماذا لا يريد جماعة دولة القانون ان يفهموا أن الناس تغيرت، وان عيونها مفتوحة على سعتها، وانها تصر على ان تكون شاهدا ومشاركا، لا متفرجا أو منتظرا لروايات هواة "السياسة"، كي يهدوأ ويناموا في سرير الاستعباد والفساد قريري العين.
السيد رئيس ائتلاف دولة القانون، الناس تريد أن تعرف ماذا ستقدم لهم "لولاك" القادمة، قبل ان يخرج عليهم احد المقربين وهو يحذر: انتخبونا وإلا ستنهارون.
مقالات اخرى للكاتب