التفجيرات الدامية التي تحدث في العراق بين فترة و اخرى بحيث و على الرغم من طابعها المأساوي تکاد أن تصبح مجرد مشهد يومي روتيني وحتى انه لم يعد يثير الاعلام العربي و الدولي، وهذا الامر يتداعى عنه الکثير من المعاني و العبر، وأهمها لماذا هذا السکوت و الصمت المريب بشأن مايجري حاليا في العراق و لماذا لايتم محاسبة الحکومة العراقية في شخص رئيس وزرائها؟
الامن و الاستقرار اللذين سبق للمالکي أن وعد به و نشر السلام و الامن جناحيه على العراق لفترة قصيرة، لکن فجأة و دون سابق إنذار و بعد کل الذي قيل و زعم عن القضاء على فلول تنظيم القاعدة الارهابي في العراق ولاسيما بعد مقتل الزرقاوي و قادة آخرين، عادت العمليات الارهابية ذات الطابع الطائفي الى سابق عهدها و باتت تحصد أرواح العشرات من العراقيين خلال فترات قياسية، ناهيك عن ماتسببه من رعب و ذعر و قلق بين عامة الناس.
الاستقرار و الامن اللذين طبلت و زمرت لها وسائل الاعلام التابعة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، تبين أنه لم يکن إلا سحابة صيف لم تلبث سوى فترة قصيرة جدا، وبعدها عادت مباشرة شمس الارهاب الحارقة اللافحة و بدأت"سيل" الاتهامات تکال لهذه او تلك الدولة او لهذه الجماعة او لتلك الطائفة وکلها مبنية على التخمينات و التأويلات، في حين اننا نشاهد تصاعد تصاعد مد العنف الطائفي في دول أخرى هي سوريا و لبنان و البحرين و اليمن، والذي يجمع کل هذه الدول و يمکن أن يکون القاسم المشترك الاعظم فيما بينها هو النظام الايراني الذي تم توجيه إتهامات مباشرة له من اليمن و البحرين و اوساطا عراقية و لبنانية، ناهيك عن أوساط دولية، وهو مايميط اللثام عن عن مخطط مشبوه و خبيث يتم تطبيقه من قبل النظام الايراني على أرض الواقع و تدل الکثير من المؤشرات و الادلة على تورط حزب الله اللبناني و أطرافا من حکومة نوري المالکي فيها، وهو مايتطلب الانتباه و اليقظة من جانب الاوساط الشعبية و الوطنية و أخذ الحيطة و الحذر حتى لاتنزلق الاقدام نحو منحدر قد يتم فقدان السيطرة بعدها على النفوس.
حکومة نوري المالکي المنهمکة بتنفيذ أمور و مطالب تصب في خطها العام و النهائي في خدمة و صالح النظام الايراني، و تسعى بکل جهدها لإسکات او کبح جماح معظم الاطراف العراقية المناهضة لنفوذ النظام الايراني في العراق و التي ترفض أيضا و بشدة الضغوط الاستثنائية التي تمارسها حکومة المالکي على سکان أشرف و ليبرتي و تحاول تهيأة و تمهيد الظروف و الاسباب لإرتکاب حمام دم جديد ضد هؤلاء السکان غير أن الذي يثير السخرية کثيرا هو أن حکومة المالکي کانت تصر الى فترة قريبة على إتهام سکان أشرف و ليبرتي بالتورط في عمليات إرهابية داخل العراق و في سوريا، في الوقت الذي يعلم العالم کله بأن هؤلاء السکان محاصرون ضمن سياج يخضع لحراسة مشددة، وهذا مادفع بحکومة نوري المالکي أن تبلع إتهاماتها بهذا الخصوص و تقوم هذه المرة بتوجيه الاتهامات لدول و جماعات أخرى من دون أن تعلن مسؤوليتها الکاملة على الفشل الامني و إضاعة الخيط و العصفور!
حکومة نوري المالکي ومن جراء تبعيتها المفرطة للنظام الايراني تدفع بالعراق بإتجاه مفترق بالغ الخطورة ولو لم تعمل القوى الوطنية العراقية المخلصة من کل الاطياف و الشرائح على تدارك الامر، فإن کارثة کبرى ستکون بإنتظار الشعب العراقي، ولهذا فإننا عندما نوجه السؤال الى شخص نوري المالکي و نقول له: هل هذ هو الاستقرار الذي وعدت به؟ فإننا نود أيضا أن نوجه له سؤالا أهم و أکثر حساسية من ذلك ونهمس في أذنه: الى متى تبقى راکبا قطار النظام الايراني؟
مقالات اخرى للكاتب