على الرغم من کل الوعود التي أطلقها حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي بالقيام بالإصلاحات وإنه سيواصل الاصلاحات ولو کلفه ذلك حياته، ومع إن الاحتجاجات مازالات مستمرة، فإن الاوضاع و الامور في بغداد مازالت غير واضحة و غير معروفة ولازالت تخيم عليها الضبابية.
العراق و منذ سقوط النظام السابق عقب الاحتلال الامريکي له، يعيش حالة من الفوضى و عدم الاستقرار لأسباب و عوامل مختلفة متداخلة ببعضها، ولئن تبذل محاولات مختلفة من جانب العديد من الشخصيات و التيارات و الاحزاب من أجل معالجة الاوضاع و حل الازمات و المشاکل و إيجاد الحلول المناسبة لها، لکن الذي يلفت النظر في عراق مابعد 2003، هو إن إنه إذا تم القيام بإجراء ما من أجل معالجة مشکلة ما، فإنك تجد في المقابل نقيضه!
الجهود التي يبذلها العبادي من أجل القيام بإصلاحات و تلبية المطالب الشعبية بعد أن ضاق الشارع العراقي ذرعا بالاوضاع المزرية و لم يعد يطيق الفساد المتفشي الذي بات يزکم الانوف في کل مکان، تواجهها جهودا و نشاطات مضادة من أجل إجهاضها او حرفها عن مسارها الاصلي و جعلها مجرد معالجات سطحية(کما هي حالها لحد الان)، ومن الواضح جدا بأن أبرز معارضين لإصلاحات العبادي هما نوري المالکي، رئيس الوزراء السابق و نائب رئيس الجمهورية المقال و الجمهورية الاسلامية الايرانية، ذلك إن هذه الاصلاحات وکما يرى معظم المراقبين فيما لو قدر لها أن تتحقق، فإنها ستصطدم بهذين الطرفين.
المالکي الذي صارت الاصوات تتعالى في داخل العراق من أجل تقديمه للمحاکمة و محاسبته عما إرتکبه من جرائم و ماقد حدث في عهده من صفقات فساد کبيرة جدا بالاضافة الى أجواء المواجهة الطائفية التي تم أيضا تهيأتها من جانب المالکي نفسه، فإن طهران تقف بالمرصاد ضد هذه الاصوات و تبذل جهودا إستثنائية من أجل الدفاع عنه الى نهاية المطاف، وبطبيعة الحال فإن المراقبين السياسيين يعزون هذا الدعم الايراني للمالکي من منطلق إنه کان على صلة وثيقة بها و إنه متورط على أکثر من صعيد في أکثر من قضية من وراء تلك الصلة، خصوصا فيما يتعلق بالملف الطائفي و ملف الفساد و ملف المعارضين الايرانيين في العراق.
الصورة ستبقى ضبابية و غير واضحة طالما بقي(أبو أسراء)يصول و يجول في بغداد و يهدد هذا و ذاك، وطالما بقيت السفارة الايرانية تتصرف کدولة داخل دولة، وإن العبادي ومهما حاول و بذل من جهود فإنه ومن دون أن يحسم قضية المالکي بأن يجعله خلف القضبان وأن يعيد السفارة الايرانية في بغداد الى حجمها الطبيعي کأية سفارة أخرى، فإن إصلاحاته لن تکون إلا زوبعة في فنجان.
مقالات اخرى للكاتب