تعيش بغداد في حالة رعب وخوف , في هذه الايام المضطربة في ظل تفاقم الازمة السياسية والامنية , وهي نتاج طبيعي لحالة التأزم السياسي التي عصفت في البلاد بصورة دائمة , دون محطات استراحة , تسمح لمواطني بغداد او سكان العراق بجر نفس عميق , واستراحة من كاهل الحمل الثقيل الذي وقع على رؤوسهم , بتدهور الحالة الامنية بأسوأ حالاتها الخطيرة , وقد تعصف بهم الى مواجهة المصير المجهول , , ومن مهازل الزمان وجوره وقسوته الظالمة والمجحفة , ان تقسم بغداد الى منطقتين لا يجمعهما جامع وليس بينهما قاسم مشترك , بل يوجد تناقض وخلاف في كل شيء دون استثناء , كاختلاف بين الجنة والنار , وبين العبيد والسادة اصحاب المقام العالي , ووجهاء المال والنفوذ , , ففي المنطقة الخظراء المتحصنة بنعم الامان والاستقرار وبحبوحة الحياة الناظرة والزاهية بتخمة الرفاه والرخاء وبركة الحياة بخيراتها الكثيرة والمتنوعة ونشاط حركة حياتها اليومي لا يخفت ولا يهدأ حتى طلوع الفجر , في حين سكان المنطقة الحمراء غاليبية سكانها يعشعش فيها الفقر والعوز , وبطش الحياة القاسية والظروف القاهرة , التي هي فوق تحمل او طاقة الانسان , وحين يحل الظلام تتحول الى مدينة اشباح , كأنها تطبق حالة ممنوع التجول , , فتصاب باللشل الكلي , بسب انتشار المليشيات المسلحة وخوفا من السيطرات الوهمية ,, منطقة الخظراء لا تعرف معنى الشؤوم والاحزان واليأس والقنوط والخوف والقلق من المسقبل او المصير المجهول , وهذه عكس الحالة التي اصابت المنطقة الحمراء , التي تعيش حالة استنفاردائم من الخوف والرعب والقلق من الهاجس الامني , الذي يقضي على احلامهم وآمالهم وطموحهم ونشاطهم الذي تراجع الى أسوأ حالته المزرية , نتيجة تدهور الامن والاستقرار , ان ظهور المليشيات المسلحة في الشوارع والاماكن العامة والاسواق العامة , بعلم الحكومة والجهات المسؤولة عن الامن , بدليل يحملون هويات مزورة بختم الحكومة والاجهزة الامنية , وتمارس السلب والقتل العشوائي , وقد ازدادت هذه الحالات المرعبة في الفترة الاخيرة اكثر من اي وقت مضى , وحتى راحت تمارس هواية القتل العشوائي من قبل الارهابين الذين يتفننون في انواع الموت والقتل , حتى طال منه حصة من القتل الاطفال الابرياء , ان المجرمين المرتزقة من كل الاطراف المتنازعة والمتحاربة , مزقوا براءة الاطفال وحلمهم واشتياقهم , هكذا يدوسون على ازهار الربيع بضمير ميت وخساسة همجية ودناءة ورذيلة تفوق العقل والتصور , هذه حالة بغداد التي خيمت على منطقة الحمراء منطقة الموت وجهنم , وهكذا العراق الجديد وقادته الاشاوس , الذين اغرتهم مفاتن السلطة والمال ونسوا بان هناك الشعب ينتظر منهم ان يعملوا وفق الحس الوطني والشعور في المسؤولية للقيام بواجبهم تجاه الشعب من اجل الرخاء وليس من اجل التعاسة والبؤس والدمار , وضياع الوطن في قمامة الطائفية ونفاياتها العفنة والنتنة , وهكذا بغداد تحولت الى كارتونات طائفية منعزلة ومتحاربة تسودها الحقد الاعمى والكراهية وروح الانتقام , وهذه ثمار الطائفية التي ابتلى بها الشعب , حتى اختفت القيم التي تربت عليها اجيال بغداد , بل اجيال العراق عامة , بمعاني الاخاء والمحبة والتعايش والسلم وتفقد الجار والصديق والقريب حتى لو كان في ابعد منطقة في بغداد . لقد ذهبت بغداد بتاريخها العريق ومجدها الشامخ , حيث كانت مدينة الحب والسلام وقلعة للاسود , بغداد التي تغزل بها الشعراء وهام بحبها الزائرين والضيوف وعشقها الكتاب , بغداد الان تبكي حظها العاثر وتكتب بيان انتحارها قبل ان ينحرها المجرمين الاوباش.
