بغداد – رغم حرص التحالف الوطني على أظهار نفسه موحدا ومتكاملا ومنسجما بين جميع مكوناته، وخاصة في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ نحو ثلاثة اشهر، إلا أن واقع التحالف منقسم ومتشرذم ويشوبه عدم الثقة بين جميع مكوناته المنضوية فيه، والتي بدأت بالظهور على سطح الحدث العراقي مؤخرا.
ويبدو، بحسب المراقبين والمحللين السياسيين العراقيين، أن مواقف التيار الصدري الأخيرة في الوقوف إلى جانب الداعين لسحب الثقة عن المالكي أو أستجوابه كشف عن الكثير من عورات التحالف الوطني، وحالة أنقسام المواقف التي يعيشها التحالف ولطالما بقيت بعيدا عن وسائل الإعلام.
حالة الإنقسام والتشرذم وعدم الثقة بين مكونات التحالف الوطني تمثلت أيضا بالتصارع الكلامي بين قيادات هذا التحالف، منها ما كشف أمس الأحد من تبادل الأتهامات بين نوري المالكي ووزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب وهو الرجل الثاني في حزب الدعوة الإسلامية بعد نوري المالكي، وحصول مشادة كلامية بين النائب عن ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي وبين النائب عن كتلة الاحرار بهاء الاعرجي، خلال إجتماعات التحالف الوطني أمس الأحد.
وقالت مصادر إعلامية عراقية أن علي الأديب شبه نوري المالكي بـ "صدام حسين"، مؤكدا ان سياساته الرعناء ستجر البلاد الى الهاوية والى ما لايحمد عقباه.
ونقلت المصادر الإعلامية عن شخصية مقربة من الأديب قوله خلال اجتماع لقيادات حزب الدعوة ضم حسن السنيد ووليد الحلي اضافة الى المالكي والاديب ، ان المالكي لا يتقبل ان يعترض احد على سياساته وانه تناسى ان من اوصله الى ما هو عليه هم قادة حزب الدعوة وعليه احترامهم والا فإنهم لن يصبروا عليه طويلا.
وقالت المصادر نقلا عن المصدر المقرب ذاته ان الخلاف نشب بينهما على خلفية المواقف من عملية استجواب المالكي التي طالبت بها اطراف اربيل وايدها الاديب بقوة ما جعل المالكي يشكك بنوايا الاخير الذي لم يخفي سروره مخاطبا المالكي "انك نرجسي ولا تختلف عن صدام كثيرا وسياساتك الرعناء ستنهي وجودنا الى الابد".
وأكدت المصادر على ان المالكي رد على الاديب قائلا "عندما انتهي من اطراف اربيل الرعاع سأتفرغ لك وامثالك ممن خانوا سيدهم الذي جعلهم ينعمون بما لم يكونوا يحلموا به"، مبينة انه لولا تدخل السنيد والحلي لتطور الامر الى الاسوأ.
وكان مصدر مطلع اكد في وقت سابق ان نوري المالكي توسعت خلافاته مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الاديب الامر الذي ادى إلى تأخر انتخابات الامانة العامة لحزب الدعوة/ المقر العام الذي يتزعمه المالكي، مضيفا ان اسباب تاجيل انتخابات الامانة العامة لحزب الدعوة تأتي بسبب تصاعد حدة الخلافات بين زعيم الحزب نوري المالكي وبين علي الاديب الذي يرى ضرورة افتتاح مكتب للحزب في ايران، موضحا أن الخلافات تأتي على خلفية ادارة الاديب لملف وزارة التعليم والتعامل مع البعثيين الذين رجعوا للخدمة بحدة وتسببه بمشاكل سياسية عميقة مع القائمة العراقية.
في السياق قالت مصادر مقربة من اجتماع لجنة الاصلاح السياسي التي شكلها التحالف الوطني بغية اجراء اصلاحات تخدم العملية السياسية وتقريب وجهات النظر بين الاطراف السياسية, ان "مشادة كلامية بين النائب عن ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي وبين النائب عن كتلة الاحرار بهاء الاعرجي حدثت في اجتماع يوم امس الأحد مما اضطرنا لتأجيل الاجتماع الى وقت آخر".
وقال عضو في اللجنة رفض الكشف عن اسمه في تصريح إعلامي، ان المشادة الكلامية التي كادت ان تتطور الى تبادل اللكمات بين النائبين كانت بسبب عتاب العبادي للاعرجي مطالبا اياه بعدم اثارة الرأي العام بقضية وزير التجارة عبد الفلاح السوداني, ونقل المصدر عن الاعرجي قوله ان "من المغالطة تسمية ائتلافكم بإئتلاف دولة القانون بل يجب ان نسميكم دولة اللغافون فأنتم تريدون ان تتستروا على سراق الشعب العراقي".
يذكر أن اجتماعا عقد في منزل رئيس التحالف ابراهيم الجعفري يوم الثلاثاء الماضي تناول المهام التي تتولاها لجنة الاصلاح السياسي التي شكلها التحالف الوطني، وسمى خلاله كل من بهاء الاعرجي وخالد العطية وعباس البياتي، وحيدر العبادي وهادي العامري ومحمد هادي الاسدي وعمار طعمة كأعضاء في تلك اللجنة، وقد عقدت لجنة الاصلاح اول اجتماع لها يوم الاربعاء الماضي وأستكملت إجتماعاتها أمس الأحد.
ويشهد العراق ازمة سياسية استمرت عدة اشهر بسبب تصاعد الخلافات بين الكتل السياسية حول امور تتعلق بالشراكة في ادارة الدولة بالاضافة الى ملفات اخرى، وقد ادى استمرار الازمة الى مطالبة بعض الكتل السياسية بسحب الثقة عن نوري المالكي بعد ان عقدت عدة اجتماعات في كل من محافظتي اربيل والنجف.