الحديث عن تحقيق التوازن في العراق بمعنى منح المكونات الاجتماعية استحقاقها من المناصب وخاصة داخل المؤسسة الأمنية ، يتصاعد مع ارتفاع وتيرة تنفيذ حوادث التفجير ، و قضية التوازن تبنتها القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي يوم كانت كتلة متماسكة داخل مجلس النواب قبل ان تتعرض لانشقاقات وانقسامات ، واثر ذلك تم تشكيل اكثر من لجنة لهذا الغرض لانقاد العملية السياسية من "رجفة الستيرن" وتشخيص الخلل ، ليأخذ المسار شكله الطبيعي، لتفادي حصول عواقب وخيمة نتيجة النزول على الطريق الترابي .
مع حصول حوادث تفجير المفخخات بشكل شبه يومي كالعادة في معظم المدن العراقية يطالب المتضررون وأهالي الضحايا بتشكيل صحوات ولجان شعبية لحماية احيائهم ومناطقهم ، والمطالبة غالبا ما تأتي تحت شعار تحقيق التوازن ، مع الإشارة الى سلب حق المكونات في منح ممثليها مناصب قيادية أمنية في المؤسسة العسكرية .
المطالبة بالصحوات المتزامنة مع التفجيرات ستجعل العراق بلد " المليون صحوة " كل واحدة منها تحمل اسم عشيرة او منطقة ، مزودة باسلحة خفيفة ، من مخلفات الجيش العراقي السابق ، وربما حمل بعض عناصرها الهاونات والكاتيوشا ، والجميع يكون بأقصى حالات الحذر والترقب على مدار الساعة استعدادا لخوض المنازلة الكبرى .
الخميس الماضي نقلت وكالات الأنباء عن مصدر في وزارة الداخلية قوله بان شجارا بين اطفال وصبية في منطقة الشعلة بجانب الكرخ من العاصمة تحول الى معركة عنيفة بالاسلحة المتوسطة بين عشيرتي الفواودة والفريجات ، اسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة أربعة آخرين بينهم طفلتان وتدمير اكثر من عشرة منازل وتضرر عدة عجلات وذكر المصدر ان المعركة استخدمت فيها الاسلحة المتوسطة والرمانات اليدوية ورشاشات البي كي سي ، وانتهت بتدخل المسؤولين وتوجه قوات الى المنطقة لإيقاف القتال وفض النزاع .
السؤل المطروح هل يمكن ان يتكرر مثل هذا الحادث في منطقة أخرى ، ولاسيما ان مظاهر حمل السلاح في بلد "المليون صحوة " واضحة وتنذر باندلاع اشتباكات مسلحة في ظل وجود شحن طائفي داخلي وخارجي ، مدعوم بفتاوى رجال دين جعلت "ستيرن الأمة يصاب برعشة ورجفة" الأمر الذي يعني أن الانحدار هو المصير الحتمي لخير أمة أخرجت للناس .
دعاة التوازن تجاهلوا اهمية حصر السلاح بيد الدولة ، وبصرف النظر عن الملاحظات والمواقف بخصوص تحقيق ذلك ، فانه السبيل الوحيد للاستقرار الأمني ، وليس عن طريق الصحوات العشائرية والمناطقية والقومية والمذهبية ، لان هذا الخيار سيجعل هواة خوض المنازلات التاريخية الكبرى يصرون على اثبات وجودهم باستخدام مختلف انواع الاسلحة لحماية ارواحهم وممتلكاتهم في بلد "المليون صحوة " على الرغم من وجود القوات المعروفة باسم "سوات " والتي يفترض انها تساهم مع قوات اخرى في حماية العراقيين على اختلاف مكوناتهم سواء أكانوا من الكرد او الشيعة أوالسُنّة او التركمان وحتى رئيس جبهة التوافق المقيم في عمان عدنان الدليمي ، والمكلفة بمعالجة الرعشة والرجفة عند حصول خلل بالملف الأمني .
مقالات اخرى للكاتب