ذات صباح، قبل شروق الشمس، ذهب صياد سمك الى نهر. عند ضفة النهر شعر بشيء ما تحت قدميه، فوجد أنه كيس صغير من الأحجار. التقط الكيس ووضع شبكته جانبا ثم جلس القرفصاء على ضفة النهر ينتظر شروق الشمس. كان ينتظر حلول الفجر ليبدأ عمله اليومي. بتكاسل أخرج حجرا من الكيس وقذف به الى الماء، ثم القي بحجر آخر الى النهر، ثم بحجر آخر. بسبب عدم وجود أي شيء يفعله.
استمر يرمي الأحجار في النهر بشكل متتابع. أثناء ذلك أخذت الشمس تشرق ببطء وانبلج الصبح.
في ذلك الوقت كان قد ألقى بكل الأحجار في النهر باستثناء حجر واحد، الحجر الأخير بقى في راحة يده.
كاد أن يتوقف قلبه حينما نظر الى ما كان في يده بعدما طلع النهار. فقد كان حجرا كريما ! وكان قد ألقى بكيس الأحجار بأكمله أثناء الظلام! ما خسره كان عن غير قصد ! لعن نفسه وهو يطفح بالندم.
لقد عثر بشكل عرضي على ثروة تكفي لإغناء حياته، لكنه خسرها في الظلام من دون معرفة. غير أنه كان محظوظا الى حد ما؛ فلا زالت هناك جوهرة واحدة، إذ سطع الضوء قبل أن يرمي بها الى النهر.
بشكل عام فإن معظم الناس لا يملكون حتى ذلك الحظ الذي يملكه هذا الصياد.
إن الوقت يمضي والظلمة تنتشر في كل مكان من حياتنا. الشمس لم تشرق بعد وقد أهدرنا بالفعل كل جواهر حياتنا الثمينة. فالحياة كنز دفين شاسع، والإنسان لم يفعل شيئا سوى التخلص منه. بمرور الوقت أدركنا أهمية الحياة بعد أن هدرناها. فالسر واللغز والنعيم والخلاص.. قد تضيع كلها، وتنقضي حياة المرء.
رغم ما تمت خسارته لغاية الآن، فحتى لو كانت الحياة المتبقية قصيرة، حتى لو بقي حجر واحد، فلا زال بالإمكان إنقاذ حياتك، ولم يفت أوان التعلم ابدا. المساعدة ما زالت ممكنة، خاصة في البحث عن الحقيقة، لا زال هناك سبب للشعور بالطمأنينة.
لكن، بسبب جهلنا ووجودنا في الظلام، اعتبرنا بصورة بديهية أن كيس الحياة لا يحتوي إلا على الأحجار. فالشخص الضعيف القلب، يقبل بالهزيمة ببساطة قبل أن يبذل أي جهد.
في الحياة سنجد السلم لبلوغ الله سبحانه وتعالى. فضمن هذا الجسد القلب فيه شعلة خالدة تنور لنا الطريق وعلينا عمارة القلب بالإيمان وطاعة الله في كل يوم، خاصة في شهر رمضان الكريم، ولا نرمي الحجر الأخير، تلك الجوهرة الرمضانية.
لكن، للأسف كيس الجواهر هو معدة الكثير من الناس المملوءة بالحرام والحلال!. فما الذي في مقدورك أن تفعله؟.
ان القدر الذي تستطيع معدتك العجيبة تحمله من سوء الاستعمال بدون أن تصدر عنها شكوى، يبعث على الدهشة. بل وأغرب من ذلك، كثرة ما تعانيه قبل أن تعلن الاضراب عن العمل أو أن تفقد جزءا من قدرتها. فهل تريد أن تمضي متعثرا في طريق الحياة بمعدة تعمل عملا جزئيا أو لا تحسن أداء أعمالها ؟.
في رمضان، امنحها فرصة، قد تشفى وتعود الى ممارسة وظائفها الطبيعية ما لم تكن قد أسرفت في التجني عليها وإساءة معاملتها. حتى تلك المعدة التي أسيء استخدامها مدة طويلة يمكن أن تستعيد جانبا من عملها السليم لو منحت الفرصة.
ربما كانت أهم قاعدة مفردة للوصول الى ذلك هي: أن لا تحشد هذه الآلة حشدا بالطعام. إن وضع برنامج منظم لطعامك يجعل معدتك أقدر على أداء وظائفها.
ان الآثار التي تترتب على إساءة استعمالك لمعدتك هي أن عاجلا أو آجلا آثار تبعث على الشقاء.. لذلك، اجعل من حصة معدتك للفقراء، هذا أفضل جزاء للعناية بمعدتك؛ فهو جزاء عظيم. تذكر ان هناك أطفالا زغب الحواصل، بدون معدة وهناك معدة بدون طعام، انه في معدتك. هذا ما حل بعراقنا والكريم في رمضان من أولى معدته ما تستحقه من جواهر لا أطعمة؛ لأنها ليست كيس زبالة.
مقالات اخرى للكاتب