يقول السيد المسيح: (أولئك الذين يأتون في الآخر في هذا العالم، سيكونون الأوائل في ملكوت ربي)، يقصد الفقراء.
في شهر رمضان، إذا كنت لا تمتلك شيئا، شارك بكيانك، فهذا أعظم غنى، وكل إنسان يولد به. شارك الآخرين بكيانك، مد لهم يدك، توجه نحوهم بمحبة، من صميم قلبك. لا تعد احدا غريبا، فلا احد غريب. إذا شاركت الآخرين، فلن يكون احد غريبا. أما إذا لم تشارك الآخرين، فسيكون الجميع غرباء وأنت بخيل. ربما تكون شخصا ثريا جدا، لكنك بخيل لا تشارك أحدا، عندها سيكون أطفالك وزوجتك غرباء.
إذ كيف يمكن أن تجتمع بإنسان بخيل؟ إنه شخص منغلق. إنه في الأصل شخص ميت في قبره، فكيف تتوجه نحو شخص بخيل؟ إن فعلت هذا، فسوف يهرب. إنه يخاف دائما، السبب: حينما يقترب منه شخص ما، ستبدأ المشاركة. حتى الأيدي التي تتصافح، تجعل البخيل يشعر بالخطر، لأنه من يدري؟..فقد تنشأ من جراء ذلك صداقة، في ذلك خطر محدق!.
إن البخيل شخص حذر دائما، محترس، لا يسمح لأي شخص بالاقتراب منه كثيرا، لهذا يبقى الآخرون بعيدين عنه. فالابتسامة بالنسبة للبخيل خطرة، لأنها تلغي المسافات: إذا ابتسمت لشحاذ في الطريق، فستلغي المسافة بينك وبينه، ولن يعود شحاذا، بل صديقا. إذا كان جائعا الآن، فعليك أن تفعل شيئا لتطعمه. لذلك، من الأفضل عند البخيل أن يمضي من دون ابتسام، هذا آمن، وأكثر توفيرا، واقل خطرا، وليس فيه مجازفة. في الحقيقة، ليست المسألة أن تشارك بشيء ما، بل المسألة تكمن في المشاركة البسيطة بما لديك! فإذا لم تكن تملك شيئا، لديك الجسد الدافئ؛ إذ يمكنك أن تجلس بالقرب من الفقير أو المعاق، وتمنحه دفأك. يمكنك أن تبتسم. عندما يبتسم شخصان لبعضهما البعض، ستختفي المسافة بينهما فجأة والقول المأثور دليل على نشر فعل الكرم الإنساني:(ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق). لذلك، لا تظن أنه يجب أن تكون غنيا لكي تكون كريما، بل على العكس تماما: إذا أردت أن تكون غنيا، فكن كريما. وحده الشخص الكريم من يمتلئ بالحيوية، أما غير الكريم، البخيل هو المنغلق، فسيصبح شخصا قذرا. لابد أن يكون كذلك، فهو أشبه بالبئر: لا احد يقترب منها ولا هي مستعدة لان تعطي ماءها لأي شخص!. عندها ما الذي سيحدث للبئر؟.
الجواب: لن تزوّده الينابيع العذبة بالماء، لأنه لا حاجة لذلك. ستصبح الماء القديمة أكثر وأكثر قذارة، سوف يموت بكامله. أما المياه العذبة، المتجددة، فلا تنتهي الى هذه النتيجة.
لا تكن مثل ذلك الذي سقط في بئره، أرادوا إخراجه، عندما يقولون له أعطينا يدك، يضمها الى الخلف، حتى كاد أن يموت. التفت إليه فقير وقال له: خذ يدي، عند ذلك أعطاهم يديه وأخرجوه. انه يفهم فقط منطق الأخذ (هاك) ولا يعطي. هذا هو عمل الخير وبذرته، في رمضان: ادعوا الناس ليشاركوكم، ادعوا الناس ليشربوا منكم، لكي تتجدد قابلياتكم وقدراتكم وثرواتكم. . ستقولون، أين نجد العطشى؟.
الجواب: انهم الى جواركم و في العراء..من أهلكم وجيرانكم وإنسانيتكم. انهم العراقيين من الأرامل المهجرين والمعوقين وبقية الفقراء.أنت تأكل وتشرب وتشوي مالذ وطاب وهم في صراع من اجل البقاء على قيد الحياة وكف الماء من بئرك يرويهم.
فلقد قالت أجسادهم الخاوية:
إذا كان صوم الناس في رمضان جوعا
فسنوات عمري كلها رمضــــــان
مقالات اخرى للكاتب