قالت لجنة الأمن والدفاع النيابية إن قائد عمليات بغداد ابلغها ((إن عناصر الجيش والشرطة بحاجه إلى التدريب لمواجهة العنف الذي تشهده بغداد وأضاف هناك زخم بعدد القوات الامنيه بينما يقابله ضعف في أداء الواجب وعدم ألقدره على المواجه))
لانملك إلا الحزن والتأسي لهذا الاعتراف الخطير والمذهل الذي يعطي صورة سوداويه حالكة ومخيبه للآمال لقطعاتنا العسكرية المنوط بها حماية أمننا ووطنا والدفاع عن حدودنا وسيادتنا من الأعداء والمتحينين الفرص للانقضاء على العراق أرضا وشعبا للفتك بوحدته وتمزيق نسيجه الاجتماعي والسلمي.
فإذا كانت قطعات النخبة التي يراد منها حماية امن وسلم عاصمتنا بهذا المستوى الهش والهزيل من التدريب وانعدام ألقدره على أداء الواجب والضعف في مواجهة العدو المتمثل بالإرهاب فكيف نعول على هذه القطعات العسكريه بالحفاظ على حدود البلد ومساحته الواسعة من أي اختراق وتعدي عسكري منظم مناوئ للعراق وشعبه ونحن نعرف مسبقا مدى قوته العسكرية واستعداداته الحربية واللوجستيه ثم كيف تستطيع هذه القطعات ان تؤمن حياة المواطنين وممتلكات ألدوله من هذا الإرهاب الذي يجوب ارض العراق عرضا وطولا بكل حرية وبلا موانع وقيود تردعه وتحد من نشاطه .
بعد كل هذه السنين التي انقضت من عمر التحرير إلى اليوم والعراق في حالة بناء وتشيد متواصل لايعرف الهدوء لهذه المؤسسات الامنيه التي تجاوزت إعدادها المليون والنصف والتي أنفقنا عليها اكبر الاعتمادات وأضخمها في ميزانيات دولتنا للسنوات العشرة التي خلت ومنحناها افخر واحدث المستلزمات الحياتية التي تؤمن لها الراحة النفسية والجسدية من السكن والملابس ووسائل الحركة والتنقل والإطعام وأجزلت عليها ألدوله بأعلى الرواتب والامتيازات فضلا عن الإجازات والعطل.
انها فعلا عيشة ترف ونعيم يعيشها الجندي أو الضابط العراقي لم يشهد لها مثيلا لكل السنين التي خلت من عمر تأسيس الجيش العراقي السابق .
قد يعترض البعض على إن المؤسسة العسكرية تفتقر إلى الاسلحه والاعتده الثقيلة و المتطورة التي تمتلكها معظم جيوش العالم.
لاريب في ذلك فهذه نتيجة مؤلمه وقاسيه فرضها علينا الاحتلال البغيض والذي قابله التهاون والتراخي والضعف السياسي والحكومي الذي لم يولي أي اهتمام لهذا الجانب فتركه عرضة للزمن وتقلبات الأدوار السياسية
إلا ان المؤسسة العسكرية تمتلك من الاسلحه مايضاهي إضعاف قدرة وكفاءة أسلحة الإرهاب واعتدته المتداولة لديه, لكن الإشكال يقع فيمن يستحسن استخدام السلاح ويوظفه بالشكل الذي يؤدي إلى أنجع وأدق النتائج المرجوة من استخدامه, فالسلاح مهما عظمت قدرته وعدته لايعطي مردودا مثمرا عندما يكون بيد قاصرة لاتمتلك المهارة والخبرة والتدريب, وهي تقابل عدوا اغلب المنتمين إليه من أصحاب المهارة والخبرة والكفاءة والقدرة القتالية ولهم باعهم الطويل في التدريب والممارسة التي اكتسبوها من الجيوش النظامية أو في حرب العصابات وفوق كل ذلك لديهم الإيمان المطلق بقضيتهم وعقيدتهم التي يضحون من اجلها بغض النظر عن ماهيتها وتهافتها.
ولكن تبقى الحقيقة المرة التي يجب إن لا نغفلها أو نغض الطرف عنها من إن المؤسسة العسكرية والامنيه العراقية الحالية, لم يصاحبها التأني والدراسة الموضوعية والعلمية لواقع وطبيعة المجتمع العراقي بكل أطيافه ومكوناته.
بل بنيت على عجالة في إعقاب حل الجيش العراقي النظامي السابق , والتي اعتمدت على الهشاشة والالتواء والزيف في بنائها فلم تؤخذ التجربة والكفاءة والاحتراف أو المهارة كمصدر رئيسي وفعلي يعول عليه في بناء هذا الصرح العظيم ,بقدر الاهتمام والأخذ بالانحدار الطائفي والعنصري والحزبي والعشائري حيث سمحت لتغلغل الميليشيات والعناصر المسيسه والحزبية إلى صفوف المؤسسات الامنيه, واستخدمت أساليب تظليليه مخاتلة ودنيئة كالتزكية الحزبية والرشوة أو شراء الذمم ودفع ألاف الدولارات لشراء المناصب والمراكز الامنيه الحساسة من المتنفذين والسياسيين وأصحاب القرار, وفتحت المنافذ لتسلل العبثين والصدامين ومن تلطخت أياديهم بدماء أبناء شعبنا.
وكان من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها دولة الاحتلال انها قننت دخول الميليشيات إلى الجيش بموجب القرار الذي أصدره الحاكم المدني بول برمر والموسوم بقرار الدمج المرقم 91 في 7-6-2003 والذي أتاح دخول الآلاف من عناصر هذه الميليشيات إلى المؤسسات الامنيه وان اغلبهم لايمتلك أي مؤهل عسكري او حرفي يسمح له ارتداء ألبدله العسكرية وتزينها بالرتب المختلفة التي ضجت بها صنوف هذه المؤسسات مما أدى إلى الإرباك والتخلخل في الضبط والربط والتلكؤ في تنفيذ الأوامر وانعدام الطاعة والاحترام واختفاء الأصول والأعراف العسكرية, فكيف تحترم ألمعيه أمرها وهو يفتقد إلى أفقر المؤهلات الحرفية والمهنية.
فالضابط يمثل رمز المهابة والسمعة والكفاءة والقدرة البدنية والسلامة الصحية أو التحصيل الدراسي الذي يؤهله الاستيعاب والفهم والمعرفة ولكن مارأيناه كل من هب ودب منح رتبة عسكريه دون الرجوع إلى سير الخدمة أو المرجعية العسكرية.
لهذا تبقى أرضية هذه المؤسسات الامنيه هشة ورخوة تبتعد كثيرا عن التماسك والصلابة.
وإذا لم تشذب وتنقى من الطفيليات والطحالب ومن العناصر الهزيلة والفاسدة والمشكوك في ولائها لوطنها وشعبها ستظل هذه المؤسسات اقرب إلى الميليشيات منها إلى جيش نظامي يعتد به ويعتمد عليه في ضبط النظام والأمن وفرض الاستقرار والسكينة في نفوس المواطنين .
مقالات اخرى للكاتب