تنص الحكمة الشهيرة، على أن "العدالة بلا قوة.. ضعف، والقوة بلا عدالة إستبداد" لذا بعد الظروف المتجمدة التي تمر به نقابة الاطباء.. كالثلج في جحيم هذا الصيف القائض، أجد أن إنفراط عقد أعضاء الهيئة العامة من حول مجلسهم المركزي، الذي إنحل دستوريا، وبقي مجرد هيكل لتصريف الاعمال الروتينية، منذ سنوات، من دون ان يؤدي فعلا نقابيا مهما، يشد الهيئة العامة للنقابة؛ فإنفلتوا كالكواكب من حول الشمس، كل تاه في فلك مداري قصي.. خاص به، بعيدا عنها لأنها لم تعد قادرة على تقديم خدمات مهنية.
فالإنتماء لأية نقابة، يعني إحتماء أبناء المهنة بها، فهل نقابة الاطباء الان قادرة على حماية أعضائها، وهم يتعرضون لإعتداءات المراجعين، بسبب قصور خدمات الوزارة، التي أطلقتهم في آتون مستشفيات غير منظمة، تشكو قصورا في معظم الاجهزة والمستلزمات وعدد الاطباء بالقياس الى الكثافة السكانية، فكيف لا تنفلت أعصاب ولد يرى اباه يوشك على الموت بين يدي طبيب عاجز!
هنا يقفوز دور النقابة بمراقبة أداء الوزارة، خدمة للمريض والطبيب وإحتاما للمهنة ولحرمة الحكماء فيها.. على حد سواء.
كابوس
ولأننا مقبلون على إنتخابات تحرك العطالة التي جثت كابوسا على نقابية المهنة، فإننا بحاجة لتوصيف متطلبات الترشيح وخطة عمل المجلس المقبل، التي تنطوي تحت مبدأ "العدالة بلا قوة.. ضعف، والقوة بلا عدالة.. إستبداد" كخط ستراتيجي عام، عندما تجري عملية الاقتراع، بتفاصيلها المتعددة، وتستقر على تشكيلة "مجلسية" ثابتة، يفصّلون هذا المبدأ العام، الى فقرات وسياقات عمل وإجراءات، يمكن إعتبارها تأسيسا جديدا للنقابة، من دون ان ينسف تاريخها المشرف، إشراقا في وجدان الاطباء والمرضى وعموم اطراف المنظومة الصحية، حتى الوزارة!
فالحكمة تشير الى وجوب دعم العدالة والعقل والوعي والحجا، بقوة تنجز إرادته، وتضعها على ارض الواقع ميدانية، تنفذ بها من مخالب معارضي الحق انصار الباطل، وهم كثيرون، من دون سبب.. مع الاسف؛ إذ ورد في نهج البلاغة للإمام علي.. عليه السلام: "لا رأي لمن لا يطاع".
إذن كيف نفرض الطاعة؟ بالقوة؟ فما هي القوة؟ القوى أنواع.. قوة الحجة وقوة المنطق وقوة الاقناع وقوة القانون وقوتا الجذب والطرد.. فحين يقر مجلس النقابة شأنا، لا بد من مسوغ قوي يمرره.. سواء على الهيئة العامة او الاطباء او على وزارة الصحة.. ومنها نزولا لمفاصل الوحدات الطبية.
وهذا كله يتحقق بحسن إختيار الهيئة العامة، ممثليها في المجلس المركزي، إذ أن دورة كاملة تعتمد إرادة الناخب، وتتشكل من دفة إنتقائه من يرشحهم، مقترعا بشانهم، في حوار هامس الهواجس.. بينه والصندوق الحاضن لبطاقات الانتخاب.
وزارة
تلتئم قوة مجلس النقابة مع وزارة الصحة.. تتوحد الجهود، وهو مستوى من القوة ما تبلغه المهنة الا بوجود افراد مقنعين يستوقفون المؤسسة الرسمية للتفاهم مع المرفأ المهني، وبهذا تستيقظ النقابة مجددا للتفاعل مع قضايا أعضائها وقطاعات المستفيدين من خدمات الاطباء "عينة النقابة التي تمثلهم" وهذا لا يتحقق الا بثقة الهيئة العامة، ومساهمتها في إنجاح الانتخابات، وبالتالي عودة الروح الى النقابة، بإنعاشها من قبل الزملاء؛ بغية تحقيق الاهداف التي ترسم مركزيا بالتشاور العام.
إقدام الناخبين للمشاركة في الاقتراع بوعي يحمل إيمانا يرهن مستقبل المهنة ومصير العضوية، يعني التمسك بعروة الانتماء وثيقا لا إنفصام لها، من خلال تبني موقف ووضع أهداف يترسمونها وهم يدسون البطاقات في الصناديق، بطريقة تهيئ لتشكيل مجلس نقابة رصين، يعي مسؤولياته، ويجيد الاجابة على الاسئلة وتلبية متطلبات الاداء المهني في الطب، بظروفه الملتبسة، كحال باقي ميادين الحياة، في العراق حاليا.
مقالات اخرى للكاتب