في العدد الأخير من أقدم مجلات بريطانيا «ذي سبكتاتور» (26 سبتمبر/ أيلول، الماضي) مقال بتوقيع جي جي والدرون، وبعنوان «الطريق الملكي إلى السلام». يبدأ المقال بالعودة إلى شريط سينمائي إخباري عن العراق منتصف الخمسينات، ويلاحظ أن المعلق يصف العراق بأنه «سويسرا المشرق». أو سويسرا مشرقية. ويعود إلى أفغانستان الستينات في شريط آخر يبدو فيه طلاب كلية علوم الأحياء في الجامعة من الجنسين.
ثم يكتب: «تلك كانت الحياة في ظل الملوك. وعندما تعرف ماذا حل في أثرها، فذلك يكفي لدفع أي رجل راشد إلى البكاء. لقد كانت الحياة كارثية في الشرق الأوسط، فلماذا لا نحاول أن نعيدها؟». يتهم الكاتب الولايات المتحدة بالعمل ضد الملكيات، ثم يقول إن الدول الثلاث الأولى على لائحة الشفافية، ملكيات دستورية. ويقول إن 12 مملكة حول العالم، من بريطانيا إلى باربادوس، تتمتع بسجل أفضل من أميركا في محاربة الفساد.
يلوم والدرون الغرب لأنه لم يصغ إلى الأناشيد الملكية، ولم يتطلع إلى الأعلام الملكية في ليبيا التي ارتفعت خلال الثورة والحنين إلى أيام إدريس السنوسي، موحد البلاد وحاكمها الورع والمتقشف العادل. ويعطي مثالاً على الاستقرار في الأردن والمغرب. ويذكر أن أفضل ثلاث دول في العالم، أي إسكندنافيا، هي ملكيات دستورية.
ينتقد انجرار الملك فاروق إلى رغائبه الشخصية على الرغم من إيجابيات الأوجه الأخرى من حكمه. ويقول إن بريطانيا رعت قيام معظم الأنظمة الملكية، لكنه لا يضيف أن الشرق انقسم إلى ملكية على الطريقة البريطانية وجمهورية على الطريقة الفرنسية. ويجد بادرة مشجعة في عزم جمهورية الجبل الأسود على الدعوة إلى استفتاء على عودة الملكية، وكذلك جارتها صربيا (كلتاهما من يوغوسلافيا السابقة).
طبعًا يعرف والدرون أن الحل الذي يطرحه ليس سهلاً، لكنه في اعتقاده الحل الأمثل لعدم السقوط في دول داعشية، ومن أجل العيش في ظل رمز موحد للبلاد بدل هذا الانهيار والتفتت الدموي. يستضيف المغرب محادثات إعادة الوحدة الليبية، ويستضيف الأردن ملايين الفلسطينيين والسوريين. الأول كان الأخ القائد يريد باستمرار ضمه إلى الجماهيرية الاشتراكية العظمى. والثاني أراد صلاح جديد إزالته، وحاولت منظمة التحرير محوه من الخريطة والذاكرة معًا. في العراق أزيل «قصر النهاية»، وبني صدام مكانه 48 قصرًا. وجميع من ثاروا على حُكم الأُسر حوّلوا أنظمتهم إلى حُكم الأشقّاء والأبناء. وفاقهم الأخ القائد بتعيين عديله ومنفذ كوابيسه عبد الله السنوسي على رأس جهاز الرعب والتنكيل.
كان يتهمني كثيرون بالرومانسية في تكرار الكلام عن إدريس السنوسي. لا أعرف بماذا أُتّهم الآن ونحن نرى ماذا حل ببلاده. وماذا حل بالأخلاق.
مقالات اخرى للكاتب