حين كنت طالباً في المرحلة الابتدائية كان هناك احد الطلاب يصر على استفزازي وهو يردد في كل مناسبة "كريدي تعال .. كريدي روح". لا يسميني باسمي بل يصر على قوميتي. كان الامر يزعجني حتى اضطر احيانا للبكاء. ذات يوم ذهبت بعد انتهاء الدوام الى والد هذا الطالب وهو جار، ليس ببعيد عن بيتنا. قلت لوالده ببراءة طفل وبصوت منكسر حزين "ابنك ما ادري شبي وياية بس يصيحلي كريدي واني ما مسويلة شي". ضحك الرجل العجوز وقال لي بلهجته العمارتلية الجميلة "بوية انت چم اذان عندك؟ چم حلگ؟ چم خشم؟ چم أيد؟" وراح يعدد اعضاء الانسان وانا اجيبه بالرقم الصحيح حتى قال "چا بعد شنو عندك نفس ماعدنا. شنو اللي ينقص الكردي عن العربي. ماكو شي نفس الخلقة كفيلك العباس. اذا مرة ثانية گال ابني هذا منعول الوالدين عليك كريدي اضحك بوچه ولا تضوج وگِله إي آنه كريدي وافتخر بس انت جيرة بفرگك صارلك ٣ سنوات ما عابر الخامس ابتدائي". بهذه اللغة البسيطة علّمني هذا الجنوبي الحكيم كيف اقوّي ثقتي بنفسي واخرج من حالة ال Low Self-Esteem التي كانت ترافق طفولتي آنئذ.
اعتقد تصريحات السيد طه اللهيبي لا تستحق كل هذه الضجة لسببين بسيطين، الاول انه لا يستحق ان يُذكر ويعلو شأنه في الاعلام أكثر من هذا. مَن يتحدث بهذه اللغة العنصرية لا يستحق سوى التجاهل والنكران. والثاني القول بهندية اصل الجنوب يُذكّرني بحادثة الطفولة اعلاه. اضحكوا بوجه اللهيبي وقولوا له ما قاله لي الجار الحكيم "جيرة بفرگك ياللهيبي صارلك دورتين انتخابية في البرلمان وما تعلمت اشلون تحچي بالاعلام".