لايزال صناع القرار الامريكي الذين يرسمون ويصنعون ملامح ورؤى السياسة العالمية في الشرق الاوسط وعلى وجه الخصوص بالعراق سواء العاملين في البيت البيضاوي اوالكونغرس اومجلس الشيوخ ليس لديهم الرغبة بأن يستقر العراق وتنهتي ظاهرة الازمات وتتلاشى الى غير رجعة التي تعصف بالبلد وتخلف وراؤها ازهاق ارواح الابرياء ومن مختلف المكونات ،منذ الانقلاب الذي قام به عبد السلام عارف وبمساعدة التحالف الانكلو امريكي ومسؤول الانقلابات في الشرق الاوسط الضابط (وليم ليكلاند) الذي خطط لعملية الاغتيال لعبد الكريم قاسم ،وزج الوطن في دوامت الصراع والفوضى بسيطرة البعثيين ووصولهم لسدة الحكم حتى قال علي صالح السعدي (اننا جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي عام 1963) ورحلوا عنه بقطار امريكي، لم يقدم البعثيون سوى مغامرات مراهقين اعتمدوا مبدأ العنف وراقة الدماء بين صفوف الشعب والتطاول على الجيران ونهب خيراتهم وسلب ممتلكاتهم باعتبار انها غنائم حرب ،تلك كانت فلسفة وأيدولوجية حزب الذي استبدل اعمارالعراق وارضه وملئها بمقابر جماعية منتشرة من شماله لجنوبه وشرقه وغربه وعلى مرئا ومسمع الجميع والصوت الانساني العادل مكمم يعلوه صوت المتشدقون الذين يصورون للعالم بان السلطة وأزلامها في حالة الورع والزهد وهؤلاء خارجون عن القانون وكابونات النفط مقابل الغذاء والدواء توزع دون حساب اورقابة المهم ان يبقى القرارالامريكي والدولي في صمت مطبق ،لكن الظلم عندما يصل لاقسى مراحله سيكسر وان كان الطوق من حديد ،فانتفض الشعب بعد هزيمة الجيش في حرب الكويت وسميت آنذاك الانتفاضة الشعبانية عام 1991اندلعت في اربع عشر محافظة من اصل ثمانية عشر تعداد المحافظات التي يتكون منها العراق اي بمعنى خروج أكثر من 77% من الشعب العراقي منتفضاً على النظام الحاكم آنذاك واستمرت الانتفاضة إلى ان تم ابادتها بتدخل عسكري وإبادة بشرية كبيرة من قبل النظام الحاكم الذي كان يرأسه صدام حسين ،حيث تم اعطاء الضوء الاخضر اليه من امريكا وبوساطة اقليمية بحجة ان ايران ستستولي على حكم العراق وبقاؤه في السلطة افضل من رحيله ،وتم اغماد ثورة الانتفاضة واعدم الالاف من البشر وغيب العشرات من الالاف الذين لايزال مصيرهم مجهول جل هؤلاء قضوا نحبهم بدم بارد دون وازع يردعهم،كل هذا وغيره من التطاول على المؤسسات الدولية وعدم احترامه للقانون الدولي فهو لا يهمه ماذا يحدث لأنه ينفذ جميع ما يملى عليه من اجندات تقتضي بإبادة شعبه، فساعة الحسم لم تحن والتوقيع على خروجه لايزال يتأرجح والسبب خوفهم من اقامة دولة تأخذ تعليماتها واوامرها من ايران وبالتالي فان العراق هذا المنجم الذي يدرمالا ليلاً ونهاراً سيكون بيد العمائم هذه هي جوهرفلسفة الحراك السياسي والاوهام التي غذاها النظام السابق من خلال تضليل الراي العام العربي والعالمي بتصويرالطائفة الشيعية بانهم ليس لديهم جذور في الوطن وانهم اناس خير متحضرين ولا يمتلكون روح الدولة المدنية غير قادرين على ادارة دفة السلطة فالفوضوية والقتل هي سمتهم وما كان يقوي هذه الافتراءات هو الدعم المادي الذي كان يمنحه لكتاب ومثقفين عرب وشخصيات عالمية لها تاثير في صنع القرارالدولي باعت ضمائرها وقيمها ومبادئها مقابل اموال منحت لهم من الطاغية ليرسموا له صورة الرجل المدافع المؤمن وراعي الامة العربية والاسلامية ،قلد سخر جميع ادوات المكننة الاعلامية وحجب عن العالم ما كان يرتكب من جرائم وحشية فلا مشاركة بالحكم ولا ابداء راي وحرية تعبير ولاحق ممارسة الشعائر وطقوس فكل حق مباح واقر ضمن الشرائع السماوية يذكره بماضيه المؤلم المليء بالتناقضات والعقد الممزوجة بالحرمان،فكان سقوط الصنم دليل يؤكد زيف الاكاذيب التي غرر بها العالم واماطة اللثام عن حقائق كثيرة كانت غائبة عن اعينهم واسمعهم واذهانهم فالواقع برهن اننا لم نسطو على المكون الاخر ونستبيح دماؤهم بدافع مظلوميتنا التي استمرت لأكثر من (1400) عام فقد لجئنا الى الاحتكام للقانون لكل من وقعت عليه مظلومية ،وحتى قول السيد السيستاني مخاطباً وفدا من الطائفة الشيعية لا تقولوا اخواننا السنة بل قولوا انفسنا،فكانت تلك اول خطوة على طريق بناء المدنية ،ثم افتى بوجوب المشاركة في الانتخابات لتعبرالجماهيرمن تختاره وتجده اميناً على مقدراتها وكتابة دستور يحمي كل المكونات تلك كانت تجربة هي الاصعب طوال حياته لم يمارسها قط لكنه ذهب وقال كلمة الفصل واختار نوابه ودستوره ليرسل رسالة للعالم باسره اننا دعاة المدنية وبناة دولة تحترم الكرامة الانسانية ،وحتى التيار الصدري الذي كان خطابه متشددا وهذا كان بسبب طبيعة المرحلة التي غاب عنها القانون وسلطته واقتضت منه ان ينتهج هذا النهج ولكل فعل رد فعل ومع استقرارالحكومة وفرض سيطرتها بقوة اوقف نشاطه المسلح واوعز زعيمه السيد مقتدى الصدر بان يجمد الجناح الضارب للتيار ويباشر بالمساهمة ببناء منظومة الدولة ولعل المجيء بوزراء تنكنوقراط وتسنمهم الحقائب الوزراية يؤكد استراتيجيته الجديدة للعمل وبذلك هو يرسل للآخرين رسالة واضحة المعاني والدلالات ويترجم رؤيته التي تدعو للحوار مع الاخر وتغليب الخطاب المتسامح على الصوت المتشنج، فصوت السيارات المفخخة والعبوات الناسفة قابله صوت الصبر والتريث والحكمة ،واتساءل متى يقتنع صناع القرار الامريكي ودول الجوار الاقليمي بأننا ليس لدينا نهج الاقصاء والتهميش ؟ ان خطنا ومسيرتنا في انشاء الدولة التي تحترم كل المكونات والقوميات والتي لا تفرق بين شريف ومشروف وابيض واسود امام سلطة القانون هي ليست سياسة طارئة على وجودنا في الحكومة، وانما نستمد جذورها من مدرسة العدالة والنزاهة علي امير الفقراء ونصير المستضعفين وصوت المحرومين،الذي لم يضطهد او يظلم في حياته كلها انسان ومن مختلف الالوان وكيف وهوكان يوصي ابنه الحسن بالمعاملة الحسنة لقاتله وإطعامه من مأكله وسقائه من مشربه، وتخصيص رواتب للطائفة المسيحية واليهودية فهم مواطنين فدينهم لهم واحترامهم للوطن والتزامهم بتعليمات الدولة هو شعاراتخذه طيلة حياته ليحقق العدالة الاجتماعية والانسانية،فعلى الذين يتخوفون من هذ التغيير والتحول في العراق وانتقال السلطة (للشيعة) عن طريق صناديق الاقتراع التي افرزت فوزهم في الانتخابات كونهم الاكثرية،نقول لهم نحن نمد ايدينا اليكم بالمحبة والسلام ونمسك بغصن الزيتون ووردة بيضاء لأننا نريد من الجميع المشاركة بهذا البنيان وان تسير السفينة بسلام حاملة الجميع لبر الامان،فعلى الذين يتوسطون لدى صناع القرار بان عقارب الساعة هل من الممكن ارجاعها ؟ لا يمكن لهذه الساعة ان تتراجع ويتراجع معها المشهد السياسي الذي قطعناه منذ سقوط الدكتاتور وقدمنا العديد من الابرياء في قوافل شهداء وامهات ثكلى ورامل وايتام وصبرنا على الالام لأننا بناة دولة ،فاسترجعوا حساباتكم وتركوا العراق وشانه فرحمه لايزال قادرعلى تجاوز المحن والازمات والمعوقات وعلى الذين يقدمون النصائح اليه ويتدخلون بشأنه عليهم ان يصلحوا من شانهم ومن شان دولهم ويفسحوا المجال لشعوبهم في التعبيرعن رايهم واعطاء حقوقهم وان يعيشوا التجربة الديمقراطية التي تفرز الدماء الجديدة والقيادات والنخب والكفاءات لا حياة الاستبداد والولاء للرمز الواحد .
مقالات اخرى للكاتب