عندما تنتهي الأدوار ,وتتساقط الاوراق عندئذ تنتهي اللعبة ,الجميع يعرف ان النظام البائد ورمزيته المتمثلة بصدام حسين كان شرطي الخليج الذي أوكلت اليه مهمة ترتيب الاوراق الامريكية في المنطقة بما يريدون وتشتهي أنفسهم وقول علي صالح السعدي {جئنا الى الحكم بقطار أمريكي },وحربه مع ايران كانت ضمن أجندة أعدت لوقف مد الثورة ,قبله كان الشاه الذي أطيح به بمجيء روح الله الخميني للحكم ,وبعد انهيار نظام الحكم في العراق عام 2003,كان لابد من وجود شرطي جديد يتبنى الخطاب ووجهة النظر لصناع القرار الامريكي ,فكان حسني مبارك عراب سياسة الشرق الاوسط ,الا أنه لم يفلح فقد اسقط بخروج ملايين الجماهير مطالبين بتنحيه وتخلت عنه كل دوائر من عمل معهم لأن الدور انتهى ,الحاجة الملحة لهذا الدور والتي تفاقمت على اثر مفاوضات الجانب الايراني بالاتفاق النووي (5+1) وخروج ايران منتصرة على كافة الصعد وخسر الخليج الذين راهنوا على فشل المفاوضات ,وتحولت ايران لدولة قوية تقاتل على جبهات عدة وبدون ملل وكلل وستبتلع الخليج أن ارادت بلقمة واحدة ,وقوة اقتصادية لا يستهان بها استطاعت بفعل الحصار المفروض عليها الاعتماد على نفسها وتحقيق الاكتفاء الذاتي لها ,حاولت السعودية مراراً وتكراراً ان تكون البديل القوي المتصدي للدور الايراني لإعادة التوازن الشيعي السني للمنطقة ,بعد ان فشلت مصر كقوة عربية لها جذور بسبب الصراعات التي ابتليت بها من جراء حكم الاخوان الذي لم يستمر لسنة واحدة ,السعودية تخبطت كثيراً في قراراتها كل مرة كانت هنالك اخطاء تشير لأصابع الاتهام لمسرح الجريمة لها ,فتاوى التكفير التي انتشرت من مؤسستها الدينية كالنار بين الهشيم دون محاسبة ورقيب ,والتي اوصلت الارهاب لعمق دول اوربا وأخذ يهدد الامن والاستقرار فيها,بدأت رائحة الانتقاد تطفوا على الساحة في محافل وملتقيات دولية, وحرب التحالف (عاصفة الحزم ) التي تقودها السعودية ضد الحوثيين كانت غير صحيحة ولم تجني من ثمارها سوى ادخال المنطقة بصراع جديد يضاف لها ازمة سوريا ,فكان من الضروري وجود بديل مهم لهذه المرحلة ,برز دور تركيا التي استغلت عمقها التاريخي كإمبراطورية عثمانية كانت تقود الامة الاسلامية انذاك ,ولتخبط المنطقة سياسياً وامنياً , دفعها لأن تكون قوة مؤثرة في صراعات التوازنات الدولية ,وفعلاً اعطيت لها هذه المهمة ,فزيارة الرئيس الأميركي (باراك
أوباما) لتركيا، كأول بلد إسلامي، معترفاً بالدور التركي كممثل للعالم الإسلامي، وبذلك يكون أعطى الضوء الأخضر لحزب «العدالة والتنمية» ذي الجذور الإسلامية باعتباره ممثل وواجهة أسلامية ستتعامل معه الولايات المتحدة,السؤال المهم أين دور السعودية ؟,فاختيار الدور التركي في العالم (الإسلامي السني) سيكون محجماً للدور الإيراني (الشيعي) ولا حاجة لتدخل الولايات المتحدة العسكري ضد إيران، بل ان السياسة التركية في الشرق الأوسط من خلال عمقها السني في المنطقة قادرة على تحجيم الدور الإيراني، فضلاً عن التهديد الباكستاني الأفغاني السني الى إيران من خاصرتها الشرقية ,كما انها تخوض صراع من وراء الكواليس بين السعودية على زعامة العالم السني بعد أن اخفقت السعودية في ادارة ملفات عديدة اوكلت لها من قبل الادارة الامريكية ,هل سيكون اردوغان قوة لا تنقلب وتنكث عهداً بعد أن أسند لها زمام الأمور ؟هل ستقبل السعودية بهذه القسمة وهي صاحبة الاستثمارات الكبرى لدى أمريكا ؟ هل سيتقبل الفكر الديني المتشدد في السعودية بأن تكون تركيا خليفةٍ للمسلمين وعليهم تقديم الطاعة ولولاء لهم ؟كل ذلك محتمل أن أستوجب الأمر مواجهة المد الشيعي .
مقالات اخرى للكاتب