كان متوقعاً أن لا يحضر رئيس الوزراء نوري المالكي إلى مجلس النواب لمناقشة الأوضاع الأمنية المتدهورة ,وقبل ذلك لم يمرر طلب استجوابه بسبب من الأزمة السياسية ووقوف كتلته ضد اية مساءلة من هذا النوع لبعض قادتها , وتوتر العلاقة بين السلطة التشريعية والتنفيذية وضعف التعاون المطلوب بينهما .! لقد نص الدستور على إن لعضو مجلس النواب توجيه أسئلة في أي موضوع لرئيس الوزراء ويجوز لخمسة وعشرين عضواً استيضاح سياسة أداء مجلس الوزراء، وأيضا توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم ..! إذن الاستجواب حق دستوري ومن صلب مهمات مجلس النواب ، ولا يوجد شيء اسمه استضافة في الدستور ,وهي تعبير ملطف عن الاستجواب بدون تبعات وتسوية لجهة عدم مساءلة ومحاسبة المستضاف كائنا من كان ,ولا تتخذ اجراءات بحقه ,وقد لجأ مجلس النواب الى هذه الوسيلة غير الدستورية نتيجة للصراعات والتجاذبات بين الكتل وتخندق كل كتلة وراء أعضاء أحزابها وقواها لحمايتهم , ولعرقلة أي إجراء قد يتخذ بشأن أدائهم مهما كان على حق وصواب .! وتحولت هذه التسوية التي استفادت منها جميع الكتل لحماية المحسوبين عليها ,وصارت عرفا وتقليداً اثر بشكل كبير على مهمة مجلس النواب في الرقابة والمحاسبة ,فكان هذا الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المجلس من أسباب إضعافه كمؤسسة وتغول السلطة التنفيذية وتمكنها بأساليب مختلفة من رفض تنفيذ قرارات وإجراءات مجلس النواب في الرقابة وما يصدره من توصيات وغيرها بحق المقصرين في السلطة التنفيذية حتى إن الحكومة لم تعد تبالي بمجلس النواب وصلاحياته واكبر دليل على ذلك إن غالبية المناصب العليا في البلاد والدرجات الخاصة تدار بالوكالة نتيجة الصراعات والانقسامات التي أعاقت السلطة التشريعية من أداء واجبها وأصبحت في الدرجة الثانية من الأهمية بالنسبة للسلطات الأخرى ,بل إن الأنظار تتجه دائماً إلى مجلس الوزراء لمعرفة القرارات والقوانين والإجراءات التي يمكن أن تمر وتأخذ طريقها للتطبيق من عدمه في معادلة اختلت أركانها الدستورية وصار الاعوجاج امرأ واقعاً يتطلب التوافق على إزالته من خارج مجلس النواب وليس من داخله ,على الرغم من انه صاحب الحق والواجب في ذلك .! لم يمتثل رئيس الوزراء إلى طلب البرلمان واستبدله بالاستضافة في ديوانه وهذه لا تقدم ولا تؤخر ,بل أنها شكلية واقرب إلى الدردشة إن لم تكن كذلك ,فهي تقتصر على رؤساء الكتل وما يدور فيها سري ,وكأن الانفجارات والمفخخات لم يسمع بها احد ,ولا يلمس تأثير الانتكاسات الأمنية المتوالية ، ولا نرى السرادق التي تملأ الإحياء تؤبن الضحايا . الواقع إن مثل هذا المجلس ونوابه لايستحقون أكثر من ذلك فهم تخلوا طوعاً عن حقوقهم ولأنهم ضعاف ولا يمثلون شعبنا إطلاقا فكيف لنائب حصل على مئات الأصوات وأصبح نائباً بإرادة رئيس كتلة ,إن يكون مستقلا وممثلاً للغير الذي رفضه واقعا ,ولا يؤتمر بأمر من كان سابقا في فضله عليه وتواجده بمكانه هذا. كان يمكن التخلص من المناكدة والعناد الذي لامبرر والمنتهك للقانون واحترام مجلس النواب ,بان يستضاف رئيس الوزراء في جلسة سرية لتجنب بعض الإشكالات ,وان كانت هذه المسألة فيها وجهة نظر، ومناقشة الوضع الأمني الذي يسير نحو الأسوأ وليطمئن الناس أولا إن كل مسؤولي النظام يخضعون للقانون والدستور ويستجيبون لرغبته ومطالب أعلى السلطات وليطمئنوا على أيامهم المقبلة بان فيها قدرا من الأمن والأمان .
مقالات اخرى للكاتب