لن اعود الى العراق حتى يعود العراق حراً، هكذا قال المعماري والفنان رفعت الچادرچي حين سئل عن موعد عودته الى بلده.
بالطبع لكل شخص ظروفه الخاصة التي يعتمدها بوصلة حياته الشخصية، لكن جواباً يصدر من شخصية عامة وفنان ومعماري معروف كرفعت الچادرچي يضعك في موقف المتأمل.
ماذا يعني الچادرچي بجوابه هذا؟ وكيف يعود العراق حراً؟ وماهو مقياس الحرية عند الچادرچي؟
هذا الجواب نسمعه كثيراً من العراقيين المغتربين عندما تسأله لماذا لا تعود الى العراق؟ فيجيب: يمعود يا عراق، العراق اسير، العراق صار مزق وتسلطوا عليه الحرامية.
او يجيبك: العراق خرب يا اخي مو مثل قبل، ايباااه شلون كان بلد.
الى آخره من الأجوبة غير الحقيقية في اغلبها.
فالعراقي وغيره من المغتربين وجدوا هنا مالم يجدوه في اوطانهم. هنا الأمان والسلم المجتمعي، هنا الحرية والديمقراطية على اصولها، هنا الضمان الأجتماعي والصحي، هنا الخدمات وجمال الطبيعة، هنا كل معاملة يمكن قضاؤها بضغطة إنتر على حاسوبك الآلي وانت گاعد بالبيت.
الأطعمة، الأشربة كلها تخضع لرقابة صحية شديدة، الأطفال يتمتعون برعاية عجيبة ويملكون اولى اولويات الدولة.
هذا وغيره يتمتعه به العراقي على حد سواء مع المواطن الأصلي، ولا يستطيع احد ان يبخس حقه.
بالتأكيد هنالك معاناة كالغربة والحنين الى الأهل والوطن، ولكن العمل والوقت الذي ينتهي دون ان تلتفت اليه هما ما يخففان الهوم سيك.
البارحة كنت في مطار اوسلو لأستقبال صديق عائد من العراق. في الطريق سألته شلونه العراق بشّرني؟
فأجابني مستنكراً: العراق؟ تَهَي بَهَي.
-ها يمعود شنو شصاير؟
-العراق صاير زبالة.. الله فاتح عليهم بوري من جهنم.. الحكومة ملتهية تبوگ.. صايرين تحت رحمة ابو المولدة.. الناس لعبانة نفسها من نفسها.. بعد شتريد اسولفلك.
كلام صديقي ليس غريباً على اذني فقد سمعته مراراً على شاشات التلفاز وقرأته كثيراً على صفحات فيسبوك وتويتر.
لكن هذا الجواب ذكرني بجواب رفعت الچادرچي اعلاه وقلت في نفسي ربما هو الجواب الحقيقي الذي اخفاه الچادرچي وقال بدله "لن اعود حتى يعود العراق حراً"
فالچادرچي وغيره كثير يعيش بحبوحة وراحة بال لا يجدها في العراق، لكنه لا يستطيع ان يقول امام الكامرات بأنه تعود على الراحة والهدوء والسكينة وكهرباء وخدمات وامان، فكان جوابه دبلوماسياً غير مقنع.
بينما الحقيقة التي يضمرها الكثير من المغتربين في نفوسهم ومن الچادرچي هي انهم لا يجدون في العراق بلداً صالحاً للعيش، نعم هذه هي الحقيقة، ولو قدر لك سؤالهم متى تعودون للعراق لقالوا ما قاله صديقي العائد: العراق؟ تهَي بهَي.
مقالات اخرى للكاتب