مع إن ما ينشر من (بوستات) على مواقع التواصل الاجتماعي غير ملزمة قضائياً لطرفي النزاع، أي نزاع إلا أن أحد نواب البرلمان العراقي عن البصرة- لن نذكر أسمه كي لا يلزمنا بدعوى مماثلة- رفع دعوى قضائية ضد الصحفي –مدير قناة البصرة الفضائية ناصر الحجاج بتهمة التعرض له عبر موقع الفيسبوك مع إن الأخير لم يذكر النائب بالأسم ، بل لم تتضح في البوست أي إساءة بالمعنى الصحيح للسب والقذف وسواها مما يندرج من مواد قانونية، وسواء أكانت قضية الصحفي مع النائب محمولة على التعرض والإساءة لشخصه أو لأسباب أخرى دُفع إليها النائب من خلال قضية فنية استثمارية(مشروع اقتصادي) لطرف ثالث، فإن النتائج المستخلصة من القضية تؤشر لنا عمق الهوة بين الصحافة ورجال السياسة بما فيهم المتنورين منهم والذي يحظون بقدر كبير من احترام القاعدة الشعبية في المدينة.
وردت في فقرات البوست أن الصحفي، (وهو صحفي محترف ومعارض سياسي عمل مع المعرضة الدينية في إيران وسوريا فضلا عن عمله كفني في قنوات فضائية ووسائل إعلام أخرى) انه يقترح على السادة النواب عن البصرة دخولهم دورات تأهيلية بما يمكنهم من معرفة آليات العمل البرلماني في الدفاع عن حقوق ناخبيهم والقواعد اللازمة لتقديم اللوائح لرئاسة المجلس وسواها من الوسائل الخاصة بالعمل البرلماني على وفق ما تعمل بموجبه البرلمانات في العالم، وهي طريقة عملية جداً، إذ من غير المعقول معرفة النواب الجدد بالقواعد تلك، وهذه مما لا يخفى على عاقل بيننا، ترى ما المعيب في دورات التدريب والتأهيل إذا ما علمنا بأن دورات مماثلة غالبا ما يُزجُّ فيها الوزير والمدير العام في الدول المتقدمة عقب عودته من تمتعه بإجازته السنوية، ترى ما المانع من دخول نوابنا ووزرائنا الدورات هذه وهم الأقل دربة ومعرفة كما يعلم الجميع، بل إن نجد بينهم الكثير ممن لا يعرفون صيغ المخاطبات المعتمدة داخل قبة البرلمان.
المؤسف في القضية أن النائب الذي كثيرا ما شاهدناه عبر الفضائيات منتقدا لأداء الحكومة المحلية، مبينا مواطن الخلل فيها لم يقبل من الصحافة كلمة الحق، بل لم يفكر بتجاوزها، ذلك لأن مشاغله وموجبات عمله تقضي بانصرافه كليا إلى هموم المواطن الذي أنهكه سوء أداء الحكومة المحلية السابقة ودمرت حياته سلسلة القطع المبرمج للتيار الكهربائي وامتصت أمواله عمليات الفساد المنظم في دوائر العقود الاستثمارية والمشاريع الفاشلة بما فيها المشاريع التي بيعت بالباطن فضلا عن التراجع المعلن في الخدمات العامة والعشرات من القصص التي كان هو أول المنتقدين لها، وكنا كثيرا ما نسمع من اعضاء مجالس المحافظات الجملة الشهيرة التي تقول بأن نوابنا في البرلمان لم يعملوا لمدنهم شيئاً، ترى هل أكمل السادة النواب البصريون ما عليهم من مهام تجاه مواطنيهم ومدنهم من مشاريع لكي يلتفتوا لمثل هذه؟
ما ينبغي على حكومة البصرة المحلية وشخص المحافظ الدكتور ماجد النصراوي معرفته والعلم به هو أن الذي لم يطرح في قضية النائب مع الصحفي الحجاج وجود الأخير على رأس فريق عمل بإدارة قناة البصرة الفضائية، وهي مهمة كلفها بها محافظ البصرة السابق الدكتور خلف عبد الصمد لعلمه بان الرجل كفء لإدارة القناة لكن ملاحظاته على ملف العقد بين الجهة المنفذة (قناة فضائية) والجهة المستفيدة (حكومة البصرة المحلية)هي ملاحظات قانونية –فنية محض أزعجت الجهة المنفذة لما فيها من أخطاء وملابسات كان يمكن حلها عبر فريق فني محايد، ذلك لأننا كمواطنين لا نريد التفريط بفرصة ذهبية مثل عمل فضائية بصرية، لعلمنا بصدق نوايا المنفذين أيضاً، لكننا وجدنا وعبر الفيسبوك أيضاً عبارات قاسية من شانها النيل من جهود مدير القناة الزميل الحجاج.
هناك أغراض شخصية وربما نوازع عدوانية كثيرا ما تتغلّب على طموحاتنا، وهي من طبيعة الإنسان في كل مكان، لكننا بحاجة أيضا لتعزيز عمل النائب عن البصرة ولمساندة ومعاضدة عمل الحكومة المحلية وجهود كل الخيرين من المخلصين لمدنهم مثلما نحن بحاجة لأقلام الصحفيين في الكشف والمتابعة وتشخيص مواطن الخلل.
مقالات اخرى للكاتب