كانت ايام الشهير الفضيل، فرصة لأمد يدي الى رفوف مكتبتي لألتقط منها، باقة من الورود الفكرية التي اهديت لي، واعني بذلك ، الكتب المهداة من عدد من الكتاب الاصدقاء والمختصين … ويوم امس كان كتاب د. صادق راشد الشمري الاكاديمي والخبير المالي والمصرفي، وكتاب الخبير والناشط الاقتصادي عضيد شياع عواد، من حصة ما بعد الافطار، وما انتهيت منهما إلا عند مناداتي على طعام السحور .. كتابان اتمنى على مهتم في الفقه الاقتصادي، وعلم الابحاث والارقام الاقتصادية الحديثة ان يطلع عليهما، كتبا بأسلوب منهجي، لكن برقي وسلاسة لغوية جميلة ..
كتاب د. صادق تحدث عن إدارة المصارف في ضوء الواقع والتطبيقات العملية .. لقد توقفت عند توصيف جميل اطلقه د. صادق بالقول ان (المصارف اصبحت بمثابة اوعية تتجمع فيها الادخارات بجميع اشكالها ومن ثم تخرج الى قنوات استثمارية تفيد المجتمع وتطوره وتنميته … انها كالقلب الذي تتجمع فيه الدماء ومن ثم يبدأ ضخها الى جميع انحاء الجسم بصورة سلسة، لتنشيطه واعادة الحياة اليه )
لقد خلصتُ الى قناعة بعد اتمام قراءتي لكتاب د. صادق إن القطاع المالي والمصرفي يساهم بطريقة فعالة في عملية التنمية الاقتصادية من خلال توفير الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الأساسية، أما بشكل مباشر أو غير مباشر، ذلك ان القطاع المالي يهتم بحشد الموارد المالية اللازمة للتنمية الاقتصادية من خلال النظام المصرفي، ما يؤدي إلى زيادة في القيمة المضافة لاستخدام الخدمات التكنولوجية وتوفير النقد الأجنبي من خلال التحويلات المالية، لا سيما في البلدان النامية ، حيث يلعب الجهاز المصرفي دورا محوريا في قضية التنمية في كافة بلاد العالم، ويمكن القول إن مؤسسات التمويل في أي مجتمع تكون مسؤولة بدرجة أساسية عن نوعية النمو الاقتصادي الذي يحققه المجتمع، وهل هذا النمو جيد وايجابي ويتسم بالعدالة أم أن هذا النمو هو ـ حسب تعبير أدبيات البنك الدولي ـ نمو زائف وسلبي ورديء ويتسم بالانحياز لصالح طبقة اجتماعية على حساب بقية طبقات المجتمع ..!!
وحين، بدأت في تصفح كتاب الناشط الاقتصادي الاستاذ عضيد شياع عواد، توقعت ان الامر لا يأخذ مني سوى مدة قصيرة، لاسيما، بعد ان تعبت من قراءة 518 صفحة من القطع الكبير هو حجم كتاب د. الشمري، لكن النعاس الذي داهمني للحظات، تلقى ضربة قاضية، حيث وجدتُ في كتاب ( موضوعات في العمل المصرفي ) للأستاذ شياع ، تنوعاً متفردا قادني الى معرفة التحدي الكبير الذي يواجه المصرفيين في معترك عملهم، كون ان منظومة النشاط المصرفي تنطوي على بحر من المعلومات المالية والقانونية والادارية والتجارية ذات التفاصيل المتشعبة .. لقد اوجز الكاتب، واحسن الايجاز وابتعد عن حالات السرد والاسهاب .. لكن من بين سطوره، تشعر بزهو، إن العراق غني وواعد بنظر جميع الباحثين والاقتصاديين رغم كل الظروف، ولديه فرصاً ومجالات واسعة بقدر ما يواجه من صعوبات وتحديات، وبقدر ما نحتاج إلى الإرادة، فإن العراق يمتلك القدرة على تحقيق كل ما يصبوا إليه، ولديه العقول النيرة التي تشكل الأرضية الكفيلة لتحقيق التنمية المنشودة ..
شكراً لصديقيّ د. الشمري وعضيد … كانت ساعات من المتعة الرمضانية والمعرفة الاقتصادية والمصرفية، كنتُ بحاجة اليها!
مقالات اخرى للكاتب