في الثامن عشر من أيلول القادم ، يُتوقَّع أن يصوّت الشعب الأسكوتلندي في استفتاء ، بنعم ، لصالح استقلال بلاده عن " المملكة المتحدة لبريطانيا و آيرلندا الشمالية " .
" الوحديون " ، و هم في معظمهم إنگليز و بعض الأسكوتلنديين ، يلوّحون بجملة من المحاذير و التبعات المحتملة لهذا الإستقلال في وجه الناخب الأسكوتلندي .
يقولون له : صوّت في الإستفتاء بلا ، و إلاّ ستظلّ دون عملة ، فلا ما تبقّى من المملكة المتحدة سيرضى بأن تشاركه جنيهه الإسترليني ، و لا الإتحاد الأوروپي سيسمح لك بتبنّي اليورو الخاص به . يسخرون منه قائلين : إبحث في صندوق جدتك الأثري ، علّك تجد مسكوكة قديمة من أيام الرومان تنفعك في يومك الأسود .
يردّ " الإستقلاليون " واثقين : بأنّ أسكوتلندا ستكون دولة نفطية غنية ( نفط بحر الشمال أسكوتلندي ) لا يتجاوز عدد سكانها الملايين الخمسة .
يحاجج الوحديون : خلوا النفط ينفعكم . لن يشتريه أحد في أوروپا منكم . بيعوه إن شئتم في الأسواق السوداء أو لإسرائيل.
يثير هؤلاء الأخيرون صغار التجار في أسكوتلندا في وجه الإستقلاليين ، مؤكدين أن كساداً مستطيراً سيلحق بكل منتِج و منتَج في البلد الجديد . حيث لا عملة و لا شبكة تصدير و لا مستوردين و لا بستوگة طرشي .
ينبري الإستقلاليون للطمأنة : خلوا ببطونكم بطيخة صيفي ؛ معكم و معنا كبار البنوك و الشركات و لا يضرّكم من اغترّ إلى آخره .
هذا السجال ، يلخّص واقعاً عالمياً جديداً سيدشّنه العراقيون إذا قرّرت القوى العالمية تقسيم بلدهم بموافقتهم ( التي تعتبر الحلّ الأمثل في نظري لإنهاء هذا التناقض الرئيس بين أقوام متناحرة يظلم بعضٌ منا قليل الحجم بعضاً آخر كبيره ) فدخول حمّامٍ ما بسهولة لا يعني الخروج منه بسهولة أيضاً ، مثلما يقول مثل تلڤزيوني !
مادام العالم و قواه العظمى و خاصة ً أميركا تتحدث و تعمل و تسعى إلى تقسيم العراق ، فلتتحمل انتشار النموذج في كل مكان ، و هو حق لجميع الشعوب طبعاً ، بما فيها شعوب الولايات المتحدة الأميركية ذاتها ، بين شمال أبيض و جنوب أسود ، أو بين شرق إنگلو- سكسوني و غرب و جنوب لاتينيين ، و بين يابسة مسيحية غنية و جزر وثنية فقيرة إلى آخره .
عقب استقلال أسكوتلندا المؤكد ، ستطالب - محقة ً - كتلونيا و الباسك بالإستقلال عن أسپانيا و فرنسا.
و قد تتململ آيرلندا الشمالية من جديد ، و تستيقظ ويلز من سباتها .
و ربما انشطرت بلجيكا و سويسرا إلى شاطر و مشطور و مابينهما !
و قد تتجزأ فرنسا بين أصليين و شمال أفريقيين .
و قد تستقل كورسيكا عن فرنسا و صقلية عن إيطاليا و جزر الكناري عن أسپانيا و ربما عادت سبتة و مليلية إلى المغرب .
و ربما ...
حقاً ، قد تبدو الرواية التاريخية التالية ضرباً من ضروب الخرافة ، في أذهان اللادينيين : تروي النصوص أن الأيام " المتاخمة " زمنياً لعصر الظهور ستشهد نشوء إمارة و دولة في كلّ مدينة ، و سيكون لكلّ مدينة سورٌ عالٍ ، و العالي وجهُ الله
مقالات اخرى للكاتب