لم تختلف هزيمة حرس إقليم كردستان العراق ( الپيشمرگة ) و هروبهم من مواقعهم في زمار و سنجار و غيرهما أمام زحف إرهابيي داعش دون قتال ، عن هزيمة الجيش الإتحادي قبل ذلك بشهرين تقريباً و في ظروف متشابهة في الموصل و غيرها من مدن الشمال الغربي ، لكن ردود فعل الماكنة الدعائية المؤيدة أو المعارضة اختلفت و تضاربت في الحالين .
عقب هزيمة الجيش ، التي صنعتها عوامل مختلفة أهمها عدم تجانس القيادات العسكرية و تطاحن المكونات و تواطؤ الإدارة المحلية المسبق مع العدو ، أصبح الجيش الوطني علكة ً تمضغها بجذل أفواه الجميع ، و كأنه جيش بلد عدو ؛ جيش إسرائيل مثلاً التي يرتبط العديد منا معها بعلاقات سرية و علنية لا يخجل منها خجلان . بينما حظيت قوات الپيشمرگة عقب هزيمتها بتعاطف الجميع ، إقليميين و اتحاديين ، حتى ظننا أن قناة الفرات - مثالاً لا حصراً - ستجهش في البكاء !
في قضية الجيش ، صيغت عبارات و حيكت قصص و مؤامرات عن دشاديش و رتب ملقاة على قارعة الطريق و خرج ضابط سابق في جيش صدام و قائد حالي في الپيشمرگة على مشاهديه في قناة " كردستان تي ڤي " و هو يتحدث من أربيل بالكردية التي أفهم شيئاً يسيراً منها عن العار الذي لحق بالمالكي نتيجة هزيمة جيشه المنكرة - كان هذا في اللحظات الأولى فعلاً لانسحاب الجيش من الموصل - و انهمرت بعد ذلك على رؤوس المتلقّين مئات القصص الخبرية و التحليلات و التقارير ، الكوميدية و الكاريكاتيرية و الهزلية لا الجادة و المهنية في معظمها عن جيش " محمد العاگول " كما وصفه أحدهم ، غير أننا لم نلحظ عشر معشار هذا الغثاء و الثغاء عقب الهزيمة المخجلة للپيشمرگة ، التي خسرت على إثرها قناة " كردستان تي ڤي " نفسها ممتلكاتها و معداتها في سنجار ، و التي راح الجميع ( هربژي كورد و عرب ) يلتمسون لها - الهزيمة - الأعذار بحب و حنان .
كعراقي محب للجميع و حريص عليه ، يتساوى عندي الإحساس بالألم لهزيمة الجيش الوطني و حرس الإقليم معاً ، كونهما كيانين مدافعين عن الوطن في وجه عدو شرس متعدد الجنسيات ، بيد أن هذا الألم يزداد و يتضاعف و يضحى قاتلاً ، حينما يكيل الجميع بمكيالين ، لرعاية مصالح فئوية و شخصية و طائفية و شوفينية ليس أكثر و لا أقل ، من دون إحساس وطني و إنساني بأن المأساة و الفاجعة تشملان الجميع بصرف النظر عن انتماءاتهم الخاصة .
مقالات اخرى للكاتب