منذ اسبوع وانا اعاني آلاما في الحنجرة، وبعد ان تفاقم الورم أسفل اذني، قررت زيارة طبيبي المتخصص بامراض الاذن والانف والحنجرة. وهذه ليست المرة الاولى، فقد سبق ان عالجني هذا الطبيب من ازمة صحية قبل سنتين، فهو دقيق في تشخيصه، مبالغ في اهتمامه بالمريض، شحيح في مايصفه من علاج، أي انه لا يسلك مسلك بعض الاطباء في كتابة (جريدة) من الادوية للمريض، بل يكتفي بوصف ابسط انواع الدواء، ومتابعة حالة المريض الصحية، وهذا أمر افضله أنا أيضا، ولكن (ليس دائما). وكعادته، طمأنني بأن الامر بسيط ووصف لي (كبسولات) متغاضياً عن توسلاتي بأن يصف لي (كم أبرة)، بعد ان أعياني الألم وأقعدني عن ممارسة عملي وحياتي. لكن طبيبي، الذي يفضل الطبخ على نار هادئة، لا تقلقه معاناة المريض أو ألمه، بل يصر على تطبيق نظريته بالعلاج البطئ، الذي تتضح فعاليته بعد حين. ولا أنكر فضله في شفائي من المرض سابقاً في رحلة علاج استمرت شهراً ونصف شهر تقريبا، كنت أراجعه فيها اسبوعيا ليقوم بتغيير الدواء وزيادة فعاليته تدريجياً، مما جعلني اشعر بأني (فأر) تجارب لهذا الطبيب المتميز.
عندما ثار الشعب المصري على حكم الاخوان، وخرج بالملايين لمؤازرة السيسي، كتبت مقالا، قلت فيه اننا نحتاج الى كم (سي سي) لينهض شعبنا، أي الى حقنة تشفيه وتوقظه من غيبوبته، فطالما آمنت بأن شعبنا ليس جبانا او مهزوما بل (عليلا)، كونه تعرض الى شتى انواع الفايروسات والالتهابات التي قلما تعرض لها شعب آخر، والتي خلفت في جسده جراحاً لن تندمل بسهولة. فعملية القتل البطئ لارادة الشعب وهويته وانسانيته، استمرت عشرات السنين على ايدي انظمة الحكم السابقة و اللاحقة، وربما لهذا السبب، لم تصبح التظاهرات مليونية بعد، لأن فايروس الخوف مازال يعتاش على بعض الخلايا، فيتوكأ البعض على حائط (السلامة) بانتظار النتائج التي أيقن هذا البعض انه لن يكون جزءاً منها بكل الاحوال.
اذن فحالة هذا الشعب (العليل) مستعصية وخطيرة وتحتاج الى طبيب مغامر، وليس كطبيبي، أي لايكتفي بالفحص والتحليل والتشخيص والعلاج (خطوة خطوة) تجنباً للمضاعفات الجانبية.
يقال (الم ساعة ولا عذاب عمر)، فما الذي يمكن ان يحدث بعد؟ وهل سيصل الوضع الى أسوأ من دولة بخزائن فارغة، واراض محتلة، وجيش يقاتل (على حب الله)، واقتصاد مجهول المصير في ظل تردي اسعار النفط في دولة لاتملك غير النفط؟
صرحت احدى النائبات ب(تشفي) على احدى القنوات التلفزيونية (ان اصلاحات العبادي هي فيسبوكية فقط، ولم يتم تطبيق أي منها فعلياً حتى الآن). وبعيدا عن مشاعر الاحباط، فقد مر شهر، والسيد العبادي يعالج الشعب ب (جرعات) مخففة وفي علاج طويل الامد، في حين يخرج الشعب كل جمعة ليصرخ (ياطبيبي .. صواب دلالي كلف) لاتنفع معه المهدئات، ولن يدرك هذا (الصواب) من يعيش بسلام في احضان حزبه، في منطقته الخضراء، ومجلس وزرائه بينما يتقلب الشعب على الجمر ليلاً و نهاراً، بانتظار حقنة فعالة تعيد اليه عافيته التي سلبتها فايروسات المنطقة الخضراء.
مقالات اخرى للكاتب