منذ الاعلان عن التوصل للإتفاق النووي بين مجموعة دول 5+1 و بين إيران، فإن التصريحات المتناقضة و غير الاعتيادية مستمرة بالانطلاق من طهران و واشنطن، وفيما يشدد القادة و المسٶولين الايرانيين على إصرارهم على التمسك بالعديد من ثوابتهم المتعارضة مع بنود الاتفاق النووي، فإن الامريکيون يٶکدون على بقاء الخيار العسکري قائما في حال عدم إلتزام إيران بالاتفاق.
وجه الغرابة و التعجب في الاتفاق النووي هذا الذي يعتبر بمثابة نقطة تحول في العلاقات الامريکية ـ الايرانية، إنه وفي الوقت الذي تصدر فيه تصريحات من الجانبين تشدد على أهمية الاتفاق و ضرورة أن تتم الموافقة عليه، فإنه وفي نفس الوقت نجد تصريحات تجري بسياق متناقض مع ذلك تماما، خصوصا فيما يتعلق بالتدخلات الايرانية في دول المنطقة و التي تصر على طهران على التمسك بتدخلاتها هذه فإن واشنطن تشدد من جانبها على ضرورة تخلي طهران عن سياستها هذه و تدعو دول المنطقة الى مواجهتها و إيقافها عند حدها.
الاتفاق النووي هذا الذي بني بالاساس على أساس مصالح و إعتبارات سياسية مختلفة الجوانب لکنها لم تأخذ بعين الاعتبار جانبين مهمين حيويين هما:
اولاـ مصلحة الشعب الايراني التي تتعارض و تتضارب مع طموحات نظام الجمهورية الاسلامية ولاتتفق معها بأي وجه من الوجوه خصوصا وإن البرنامج النووي هذا الى جانب التدخلات في المنطقة قد أثقل کاهل الشعب الايراني الى أبعد حد و جعل 70% منه يعيشون تحت خط الفقر و 15 مليونا يواجهون المجاعة بالاضافة الى إرتفاع غير عادي في نسبة البطالة و التضخم و غيرها من المشاکل العويصة الاخرى.
ثانياـ مصلحة شعوب المنطقة المکتوية بنار التدخلات و التي ترى في البرنامج النووي من أساسه إنه موجه ضدها من أجل فرض الاذرع التابعة لها کأمر واقع، وان هذا الاتفاق الذي خرج بصيغة غير التي کان ينتظرها و يتوقعها الجميع.
المعارضة الايرانية التي طالبت الدول الکبرى بإتفاق يتسم بالصرامة کي يقطع الطريق على طهران و يحول ليس فقط دون إستمرارها في البرنامج النووي و تتخلى عنه نهائيا، وانما أيضا يقف بوجه تدخلاته المستمرة في المنطقة و يجبره على الانکماش و التقوقع على نفسه مما سيساهم في تهيأة الارض المناسبة للتغيير في طهران و إسدال الستار على هذا النظام الذي يعتبر عامل عدم إستقرار في المنطقة.
alaakamlshabib@yahoo.com
مقالات اخرى للكاتب