مقطع شعر شعبي مؤثر قاله الشاعر الكبير الراحل عطا السعيدي واصفا عراقنا اليوم أدق وأعظم وصف حينما قال: ":مو عمرك سبعتالاف شنهي شبيك شو رديت تزحف هاي معقولة "؟ . ربما لا ينطبق وصف آخر يصف حالة التردي ، التي يمر بها العراقيون اليوم وأمس صدام مثل هذا الوصف .
أكثر من خمس الشعب العراقي تائهون في المهاجر، بعضهم استوطن أقصى بقاع الأرض . أكثر من هؤلاء يتمنون الهرب من العراق ، لكن ظروف بعضهم الاقتصادية لا تسمح ، بعضهم لم تتح له فرصة الهرب لصعوبة الحصول على تأشيرة . قلة قليلة جدا يتنعمون بثروات العراق ، اغلب العراقيين يعشون حالة الفقر وما دونه ! .
مرضى العراق أصبحوا لقمة سائغة لدول كنا نسخر منها في أمثالنا حينما نقول:" قابل آني هندي". عشرات الآلاف العراقيين يتطببون في الهند ، أكثر منهم يعالجون في إيران وتركيا ولبنان والأردن .
واردات العراق من أموال النفط بذرت بين حروب صدام وعطاياه ومنحه وبين ومكافحة الإرهاب والسرقات وامتيازات ورواتب للساسة والبرلمانيين. بيئة العراق لوثتها الحروب والإهمال .
التعليم في العراق تأخر ونسبة الأمية في ازدياد ، برامجه التنموية معطلة والبنية التحتية هدتها الحروب والإرهاب والإهمال .
اخطر ما يمر به العراق الآن هو الخراب الكبير الذي عشش في نفوس الكثير من العراقيين ، بعدما تفككت الأواصر والروابط الاجتماعية ، الطائفية عم شرها النفوس.ما كنا نسمعه همسا عن أشخاص يتعاملون بالرشوة والربا صار يقال علنا، وأصبحت الرشوة والربا وغيرها من التصرفات والأعمال المدانة حالة عامه وعادية في أسواق ودوائر ومناطق العراقيين . اوجدوا لهذه الأفعال القبيحة مسميات: الرشوة يسمونها "دهن السير"، للربا اختلقوا مسميات شتى: الآجل والشحن والبيع بالمدة .
خراب النفوس عم.خطر آخر أحاط بالعراقيين بعدما داهمهم التدين الزائف واكسسواراته من أحزاب ومسبحات ومحابس وجباه محروقة وثياب قصيرة. التدين أصبح موضة عند البعض ودرع واقي يمارس من يتمترسون خلفه السرقات والمعاصي .
عندما كان الدين لله مجردا من أحزاب تمارس الظلم والسرقات باسم الدين. كانت التقوى خالصة لله . نادر ما كنا نسمع عن متدين يكذب ويسرق ويفعل ما يغضب الله والناس .
لقد استطاع صدام ونظامه ان يفكك الروابط الأسرية والاجتماعية حينما جندت دوائره الأمنية جماعات مستعدون للوشاية بإفراد أسرهم ومقربيهم لمصلحة النظام .لقد فعل صدام غير ذلك الكثير ، لقد امتد الخراب الذي زرعه صدام فينا واستفحل بعد سقوطه ، إلى أن وصلنا إلى هذا الحال من التردي .
اغلب العراقيين فقراء على مر العصور على الرغم مما تحويه أرضهم من خيرات .صحيح إننا سكنا بيوتا خربة وجدرانا وسقفا تعبانه تطلب رحمة البناء، لكن نفوسنا كانت عامرة بالحب والمودة والترابط والتلاحم والتراحم ، على الرغم من فقر حالنا ، لكننا لم نترك في يوما ما أحدا يتوسد الطرقات ويشكوا عقوق الحكومة والناس ، لم نسمع أو نر يوما ما ستشاهدونه في هذا الرابط .
هنا
مقالات اخرى للكاتب