على عكس من شعوب العالم الأخرى الفرحة و المبتهجة بقدوم كل عام جديد ، فنحن أقوام العراق حكم علينا بعدم الفرح والسرور ، وأن نستقبل كل عام جديد بمخاطر جديدة و مهددة بمزيد من قتل ودمار ومعاناة وكوارث ومصائب لا تخطر على البال ولا على الخاطر ..
و كل هذا من أفعالنا و أعمالنا نحن العراقيين ، حيث نتفنن و نتماكر في خلق و إيجاد أسباب مفتعلة و ذرائع واهية ، لنتخاصم ونتقاتل بهدف الهيمنة و السلطة والمناصب و الامتيازات ، وبسبب ذلك / لكي يدمر أحدنا الأخر ويجهز عليه بقسوة وببهيمية وحوش ضارية وكاسرة ..
فقد بات قلب العراقي لا يعرف رحمة إزاء العراقي الأخر ، إذا اختلف معه عقائديا أو فئويا أو ضمن صراع على السلطة و بسط النفوذ والهيمنة ..
لقد خرج الاحتلال ــ مع إنه ترك أيتامه وبيادقه الرثة ــ ليتركنا نحن العراقيين عراة مع حقائقنا العراقية المخزية وفشلنا الفادح و الفاحش :
فشلنا في ترتيب أوضاعنا المزرية ، كمجتمع أو فرد ، وتحسين أحوال بلدنا الخربانة ، و حيث زادت الخرائب فوق خرائب ومعالم الدمار مصائب على مصائب وفوق كوارث ..
وكل ذلك حدث بأيدي العراقيين أنفسهم وبسبب ولاء بعضهم للأجنبي الطامع ، أو الاستماع لتحريض الغريب الحاقد ..
فبات بلدنا أسوأ بلد في العالم وشعبنا أفشل شعب بين الشعوب ،أكثرها إثارة للضحك والسخرية والتهكم ..
حتى أخبار قتلانا و ضحايانا : ضحايا الإرهاب الغاشم لم تعد تثير اهتمام وسائل الصحافة و الإعلام العالمية..
فإلى هذه الدرجة بتنا نحن العراقيين ، مهزلة ومسخرة في نظر العالم ، و بشرا قتلى رخيصين كالذباب والبعوض !!..
وبناء على ما قيل أعلاه :
فمتى يمسك العراقي مرآة لينظر إلى وجهه بشجاعة وجراءة ، ليعرف دوره ــ كمواطن عراقي ــ في كل ما حدث ،سواء دوره في اللامبالاة وتفرجه السلبي ــ وهي حال الأغلبية الصامتة ــ أو في دفاعه عن هذا الزعيم السياسي أو ذاك القائد النحاسي المعبود أو الإرهابي المحمود !!، أو عن تلك العقائد الباطلة و المدمرة لحياة المجتمع من خلال الترويج للسلبية والتسكع والكسل واحتقار العمل و الإنتاج ..
يقينا فأن لكل عراقي دوره بشكل من الأشكال ــ في كل ما جرى و يجري لبلده من مصائب وكوارث و خراب سواء من خلال صمته ولا مبالاته أو من خلال أدوار نشاطات أخرى عديدة !!..
فمتى يحين الوقت للمراجعة الذاتية الصريحة و للنقد الذاتي ؟!..
فكل مجتمع عندما يتعرض لمراحل عنف وسفح دماء ، وكوارث وطنية وكبوات قومية وسقطات حضارية ، يقوم بعدها بمراجعة ذاتية نقدية ، ليستخلص العبر من تلك التجارب المريرة بهدف عدم تكرارها و تجاوزها الإيجابي نحو الإصلاح والتقدم الحضاري والإنساني ..
ماعدا المجتمع العراقي : إذ أنه بقي أسير أخطاءه وهفواته و ارتداده وتقهقره نحو الخلف الدموي والمظلم وبتكرار دائم بين مرحلة سوداء ومنكوبة وبين أخرى أكثر سوادا وفجيعة وكارثية ، سادرا في الهمجية والطغيان العقائدي الشمولي و المحرِض على القتل و سفك الدماء و تخريب ما تبقى من أركان الدولة ، بحيث بات العراقي خصما أوعدوا لعراقي أخر ، يتربص به ويتآمر عليه حتى مع جهات أجنبية طامعة أو حاقدة ، بهدف سحقه و إبادته أو إزاحته جانبا محطما ومغلوبا على أمره ..
فقف أيها العراقي وأنظر إلى وجهك في المرآة لترى كم أنت خجل من نفسك ومن عراقيتك على حد سواء ..
هذا إذا كنت قد خرجت من بوتقة وشرنقة أوهامك : من أوهام أصحاب الحضارة العريقة !!..
مقالات اخرى للكاتب