لقد كتب العديد من أصحاب الاقلام مقالات كثيرة بخصوص رواتب وأمتيازات البرلمانيين والوزراء والمستشارين وأصحاب الدرجات الخاصة وحتى أن من بعض هؤلاء المسؤولين من لديهم مخافة الله قد طالبوا بتقليل هذه الرواتب والامتيازات ولو بشكل خجول ومنهم من وعد بتقليلها أثناء الحملة الانتخابية ألا أن ذلك لم يحصل وكل ما أتخذ من قرارات وحتى ما يخص الرواتب التقاعدية وما طالبت به المحكمة الاتحادية فلم نسمع بانه وضع موضع التنفيذ لان المشرعين والمنفذين لهذه القوانين هم نفسهم من تشملهم هذه القرارات لذلك وضعوها على الرف وأصبحوا في غيهم يعبثون.
أن هذه الرواتب والامتيازات وما نسمعه ونقرأه بخصوص الميزانية المنهكة لعام 2015 بعد أن تم طمر ميزانية 2014 دون تفسير يشير بعدم التفائل للوضع المالي في العراق في هذه السنة لان اللذي يقوده ويحكمه هم نفس الكيانات والاحزاب والاشخاص اللذين لا يهمهم سوى أرضاء بعضهم البعض وليس الشعب خاصة أن اغلبيته من ذوي الدخل المحدود أو ذوي دخل بسيط وفقراء ويتامى وارامل وعاطلين عن العمل أو معوقين بسبب الحروب والعمليات الارهابية.
لو نظرنا الى واردات الدولة العراقية والتي تعتمد على المورد النفطي بشكل رئيسي ومقارنتها بدول قريبة او مجاورة للعراق لوجدنا أن الميزانية للسنوات الماضية تعادل مجموع ميزانيات عدد من دول الجوار مع الاخذ بنظر الاعتبار عدد سكان العراق القليل مقارنة بهذه الدول. أما أذا قارنا رواتب المسؤولين العراقيين بنظرائهم في هذه الدول فهم متفوقين عليهم والانكى من ذلك فأنهم يتفوقون حتى على أعضاء برلمانات دول العالم المتقدم حيث ان الرواتب العراقية معفوة من ضريبة الراتب الشهري مقارنة بهذه الدول والجدول التالي يوضح ذلك:
الملاحضات*
الراتب الصافي
الضريبة السنوية
الراتب السنوي US$
الدولة
لايوجد حمايات او خدم
102,000
43%
178,000
أيطاليا
كذلك
105,000
39.6%
174,000
أمريكا
كذلك
91,000
45%
164,066
أستراليا
كذلك
116000
29%
163,700
كندا
كذلك
75,000
50.84%
149,700
اليابان
كذلك
66,000
45%
119,000
المانيا
كذلك
58,000
45%
105,000
المملكة المتحدة
كذلك
46,000
45%
102,824
فرنسا
كذلك
48,000
51.42%
98,722
السويد
كذلك
26,000
52%
53,352
أسبانيا
عدا الحمايات والسيارات والنثرية والايفادات
144,000
صفر%
144,000
العراق
ملاحظة عن العمود الاخير في الجدول أعلاه*: في أحد المناسبات دعونا أحد الوزراء وهي أمراة في المقاطعة التي كنا فيها كذلك أمين العاصمة
لنفس المقاطعة لافتتاح مركز لجاليتنا هناك فكل منهم جاء بسيارته الشخصية بدون حمايات وتركوا سياراتهم في أماكن وقوف مسموح بوقوفها وجاء كل منهم بمشي على قدميه لحضور الافتتاح رغم الطقس المنجمد.
من الجدول أعلاه بمقارنة بسيطة يمكن استنتاج ما يلي:
1. البرلماني في الدول التي نسميها كافرة يوميا مؤهلاته معروفة ومكتوبة في موقعه الالكتروني ويتواجد في البرلمان يوميا عدا حالات المرض او الضروف الطارئة والاغلبية حاضرة في كل اجتماع ولا يوجد تاجيل للجلسات او المشاريع بسبب عدم اكتمال النصاب ويتحرك بسيارة واحدة بدون قافلة من الحمايات بالاضافة انه يقابل من انتخبوه في منطقته في المواعيد المكتوبة في باب مكتبه وتلفونه مفتوح في اي وقت ويدافع عن هموم الشعب ومصلحة البلد قبل المنافع الشخصية واذا ما ارتكب خطأ بسيطا وتم فضح ذلك فانه يقدم استقالته من المنصب ويعتذر الى ناخبيه.
2. يحصل البرلماني او الوزير العراقي (ولا نقول الرئاسات ونوابهم لانهم من عالم اخر) أعلى المرتبات والامتيازات في العالم باعضاء مؤهلات اغلبهم ضعيفة وشهادات بسيطة او مزورة وعدم خبرة وبغياب كثير وعدم دراية او اهتمام بامور البلد واهتمام العديد منهم بمصالحهم الحزبية والشخصية وعوائلهم واقاربهم ومقربيهم وكيف يبني ثروة من خلال الدخول في علاقات مع الشركات والمقاولين وغسيل الاموال وشراء العقارات ويصبح من رجال الاعمال من خلال الاقربين بالمعروف ويقوم بتغيير تلفونه بعد فوزه بالانتخابات.
3. عند النظر في عمود الضرائب نلاحظ مقدار الراتب اللذي يتقاضاه البرلماني "الكافر" (وبتقاعد لايتعدى مؤهلاته وسنوات خدمته في الدولة أذا كان يستحق ذلك) بعد طرح الضريبة السنوية لبناء ميزانية بلدانهم التي تقدم لشعوبها الخدمات من ماء وكهرباء وشوارع مبلطة ونظيفة وحدائق عامرة ونظام مرور ومدارس وجامعات ومراكز بحوث متكاملة ورعاية بالاطفال والشيوخ وحماية اجتماعية وتغطية صحية شاملة بالاضافة الى القانون العادل بدون تمييز اومحاباة او هدايا او رشوات وبين ما يتقاضاه أعضاء برلماننا الموقر وغياب نكران الذات واللذين صمموا رواتبهم وامتيازتهم بجلسات قصيرة ومغلقة واللذين يريدون تحت شعار دعم الميزانية أن يعملوا أدخارا الزاميا لانفسهم وتغطية ذلك بشمول الموظفين اللذين رواتبهم اكثر من مليون ونصف واللتي لاتكفي حتى لاعالة عوائلهم مقارنة بما يكسبون من السحت الحرام دون ان يقدموا شيئ للمواطن المسكين.
أن عدم وجود ميزانية حقيقية في السنوات العشر الماضية وبغياب خدمات ملموسة للمواطن وتدهور أمني مستمر وازدياد الارهاب وزيادة الفساد الاداري وغياب النزاهة وان قيادة البلد بقيت تدار من قبل نفس الوجوه يدلل على أن البلد يسير في نفق مظلم لاتعرف نهايته ولا يمكن أن يجتاز هذا الحالة الا أذا تحقق ما يلي:
1. الغاء البرلمان لتقليل التبذير المالي حيث ثبت عدم صلاحية وجوده وما يكلف البلد من اموال طائلة تنهك ميزانية الدولة العراقية
2. انتخاب مجلس رئاسة يتكون من رئيس الجمهورية ونائب واحد ورئيس وزراء ونائبين واعضاء مجلس رئاسة بممثل واحد لكل محافظة عراقية وان تجرى الانتخابات كل ثلاث سنوات.
3. يختار رئيس الوزراء وبتصويت اغلبية اعضاء مجلس الرئاسة أعضاء وزارته او المؤسسات الرئيسية من التكنوقراط حصرا وان يكون الوزير صاحب سمعة وغير محكوم بجريمة اخلاقية او مالية ومن أصحاب الخبرة الفنية والادارية لما يقل عن 10 سنوات في أختصاصه ويفضل أصحاب الشهادات العليا ولكن ليس أقل من بكالوريس من جامعة معترف بها من قبل اليونسكو.
4. الغاء الدستور الحالي وأعادة كتابته بدون تمييز بين العراقيين واجراء تعداد سكاني حقيقي يتم بموجبه توزيع الثروات حسب عدد السكان في كل محافظة واعطاء اهتمام للمحافظات المهملة او المتضررة من الاعمال الارهابية والحروب السابقة.
نسال الله أن ياخذ بيد المخلصين لهذا البلد نحو الاصلاح والصلاح
مقالات اخرى للكاتب