رغم ان فرحتي باسترجاع تكريت من داعش كانت بحجم البحر، الاّ انها باسترجاع الرمادي كانت بحجم المحيط. ليش؟ سؤال وجهته لنفسي غير مرة. لم انجح في إيجاد جواب جامع مانع كما يقول الأكاديميون. هذا الصباح كأني وجدت الجواب. انه: اللاطائفية.
بسبب كثرة الطائفيين، أحزابا وأفرادا وأنفاسا وعقولا، اكثرنا من الحديث عن الطائفي وصار من السهل علينا ان نعرّفه نظريا وإجرائيا: انه الذي يرى بأن طائفته اهم من الوطن، وان أبناءها هم وحدهم يستحقون الحياة، وليذهب أبناء الطوائف الأخرى الى الجحيم. الأخطر من ذلك انه مع ابن طائفته ينصره حتى لو سرق او أفسد او قتل:
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خرابُ
ولندرة غير الطائفيين في هذا الزمن الأسود لم نفكر بتشخيصهم. ولم نمنحهم حقهم في الكتابة والتكريم. في النهاية ظلمناهم وظلمتهم الدولة حتى انها بخلت عليهم بالسلاح والعتاد. أين هم؟ بصراحة انهم أبناء الانبار وعشائرها السُنية التي قاتلت داعش بالكلمة والرفض والصمود والسلاح.
من اختار العيش نازحا في العراء ورفض البقاء تحت ظل ابن طائفته الإرهابي فهو غير طائفي. ومن وقف بوجه الدواعش الذين قد يكون بينهم ابن عشيرته، وليس ابن مذهبه فقط، يستحق وسام المواطنة والمجد. اما من ضحى بنفسه متحديا ابن طائفته المجرم فذلك سيثبت التاريخ انه حتى الفرات قد انحنى له تعظيما وتبجيلا.
سلاما يا سُنة الرمادي الذين قاتلتم الدواعش ورفضتموهم وفرحتم يوم كسرتموهم. سلاما لكم يا من وضعتم العراق بين اعينكم قبل الطائفة والعشيرة. سلاما لكل انباري مواطنا كان او مسؤولا خرج على الشاشات والفرحة تملأ عينيه بانتصار اهله على الطائفية.
أشهد انكم قدمتم أروع ردّ على من تاجر باسمكم، وعلى من ظلمكم من الطرفين. واشهد انكم اعطيتم للتاريخ درسا مشرّفا وبليغا لكل مجرم راهن على انكم ستحمونه او ترضون به. وصبرا يا كرام على ما حل بكم من بلاء ولحقكم من حيف. لقد اثبتم انكم أنفسنا حقا، نحن الذين مثلكم على الضفة الأخرى نحب العراق ونكره كل طائفي قميء.
مقالات اخرى للكاتب