لا جارنر، ولا برايمر، ولا كل سلطة الاحتلال تجهل أن معتمديها السياسيين العراقيين لا يحملون أدنى فكرة، ولا أية رؤية علمية وموضوعية لبناء دولة.. بل أنهم على يقين أن بعض هؤلاء السياسيين ليجهلون إدارة محل بقالة كبير, ولم يخطر لهم على بال أن يكونوا فعلا سلطة تدير بلدا... وبرهنت التجربة وكل هذه السنوات أنهم لم يتوفروا على الحد الأدنى من مزايا الإنسان المجبول على الفضول والمعرفة والتعلم... كما لم تبلغ بهم الغيرة الطبيعية، الغريزية، للحفاظ على الممتلكات العامة... ومرت السنين ولم يعيدوا للعمل مصانع ومعامل ومشاريع إنتاجية عملاقة... وتغدو تعليقات العراقيين باردة عن احتلال لم يأت حتى بمن يعيد المتبقي.. إلا أن الشهادة الأبلغ على بعد بعض السياسيين عن اهتمامات ومشاغل رجال الدولة أن بينهم من سارع وانضم في أيام الاحتلال الأولى إلى ظاهرة الحواسم... ومنهم من وثق حوسمته باحتلال أملاك عامة ورفع اسمه عليها... فهل كان سيفعلها لو كان على قناعة وأهلية وجدارة ومستقبل كرجل دولة؟؟؟
الحيوانات تحسب للمستقبل وتحتاط له, وتدخر الغذاء للمستقبل وترمم خلاياها وجحورها وأماكن مأواها... بينما لم يحسب ساستنا لساعات قادمة.. و تركوا العراق عرضة للطوارئ والأنواء والظروف والمتغيرات، وها هي أزمة النفط ستنعكس على العراقي مضاعفة وسيرى نفسه عاريا بكل عوراته ولم يعد هناك ما يستره، لا سيما المواطن لا المسؤول الذي نهب وغطس في المال والثروات، والأكيد انه لا سياسيين في العالم تعاملوا مع بلدهم كما العراقيين... وثمة من لاحظ برودة العاطفة الوطنية العراقية قياسا لمواطني العالم ومنهم المواطن المصري مثلا... وجاء سياسي الاحتلال ليجسد هذه القطيعة العاطفية ببلده... ولا نبض ولا تحرك قلبه على زراعته وعلى صناعته وعلى سياحته وعلى فعاليات تطويره، وعلى التحسب الغريزي البسيط لمستقبله ولنوائب الوقت... ويقال إن المحتل وبطرقه العلمية قد ضمن عدم انتباهة وعدم يقظة الكثيرين لعلة وسبب هؤلاء السياسيين في الذي سيحل عليهم.. فهم لاهون بالأفيون في أفواههم... لا يخطر لهم أن ينظروا نظرة عتب لمن طوح بهم في الشقاء....
لم يحدث أن جرى تعطيل بلد كامل كما جسد إنساني عن كل فعالياته الحيوية ولكل هذه السنوات.. وبمخدر مكشوف: جرعات من الكراهية تزرق في عقول جاهزة للخرافة والوهم والترهات.. وتحول الوطن والمواطن إلى غير ما كانا وعلى ما هما في بقاع الأرض... للإنسان وللحيوان... وبات تطلع الكثيرين للفرار والهجرة بدءا بقادة السياسة وتملكهم واستقرارهم في عواصم اوربا... فأية غرابة بالذي يحدث لشعب بلا أدنى مصدر للعيش وللعمل غير النفط البائر... فما الذي سيقوله العراق؟؟ لم يخلف؟؟ لم ينجب؟؟ وأي طعم ومرمى للكراهية؟؟ ثم.. إذا كانت عقوله العبقرية في المجالات المختلفة قد تخدرت، أين المنظمات الإنسانية في العالم من تعطيل بلد كامل لأكثر من عقد من السنين واستنزافه؟
مقالات اخرى للكاتب