يحتفل العالم في الاول من حزيران بعيد الطفولة كل دولة او حكومة تعدد انجازاتها وما قدمته في هذا الحقل الهام الذي منه المنطلق لبناء شعوب فاعلة ومتقدمة في مختلف الميادين ودول راسخة وقوية بمؤسساتها وحضاراتها وعصريتها . لا نريد ان نعود الى الماضي الذي اعتدى فيه النظام البائد على الطفولة ، بل انه دمرها ، وانهكها جسديا وروحيا جراء حروبه وسياساته المقيتة والحصار الذي فرض على البلاد فنال من شعبها اكثر مما نال من حكامها المغامرين . على اية حال كنا نمني النفس بعد التغيير الذي حدث عام 2003 ان يتغير الحال ونعوض ما فات بخطى متسارعة ووتيرة بناء عالية للنهوض ونحد من التردي في احوال الاطفال ومعيشتهم وصحتهم وتعليمهم ، الا ان الحال لا يسر الخاطر والناظر ، فلا يزال الاطفال يعانون من الحرمان ، وابتلوا بامراض على ما يبدو لا خلاص منها في القريب العاجل ، ففي العراق اليوم مليون الى مليوني طفل دون سن الخامسة يعانون من ظاهرة التقزم حسب احصاءات وزارة التخطيط . والاكثر خطورة ان حوالي ستة ملايين طفل لا يحصلون على الغذاء الكافي لنموهم الطبيعي . وفقدت التغذية المدرسية من المدارس ، وما تزال نسبة الذين لا يلتحقون بالمدرسة وهم في سنها بالريف والمدينة عالية ، والتسرب قبل الاوان مستمر من دون حساب او تفعيل للقوانين التي تحد منه . ويلاحظ اتساع نطاق ظاهرة عمالة الاطفال في الورش والمصانع والاعمال الهامشية التي تشكل خطرا على تربيتهم وتكون بيئة ملائمة للانحرافات الجرمية ، كما ان اعدادا غفيرة امتهنت التسول في الشوارع وتقاطعات الطرق والاسواق وهم يرفدون ظواهر مرضية اخرى كاطفال الشوارع ، ويتم استغلالهم من قبل عصابات الجريمة المنظمة . كل هؤلاء الذين كانوا ينبغي ان يكونوا في المدارس يتجولون في الشوارع قنابل موقوتة تفجر الجهل والجريمة وزيادة اعداد المحرومين والعاطلين عن العمل الذين يشكلون عبئا على المجتمع والدولة والاقتصاد الوطني ... فهم يفتقدون الى التأهيل والى البرامج والخطط الاستراتيجية التي تستوعبهم ليكونوا جزءا من الفعاليات الاقتصادية والتنموية . ان المواطنين يتطلعون ان يروا قانونا يضمن معيشة الطفولة وامانهم وتعليمهم ورعايتهم الصحية اسوة بالكثير من الدول التي بنت دول الرفاهية والضمانات الاجتماعية . ان كل ما يقدم للطفولة من خدمات حق نصت عليه الشرعة الدولية ، وحقهم في ثروات البلد ، فهي ملك للاجيال القادمة ولا يجوز ان يأخذ جيل أكثر من حقه ومن حقوق الاجيال التي تليه . ان ميزانية تعد الاضخم في المنطقة واكثر مما عند دول اخرى ولكن الإحصاءات تشير الى تخلف في المجالات كافة ، فمثلا ما يزال 32 من كل الف طفل يموتون في العام الاول لولادتهم ، وان ربع الاطفال المولودين يعانون نقصا ذهنيا وبدنيا .. وهناك الكثير مما لا يتسع المجال لذكره هنا . اذا أردنا لبلدنا ان يتقدم ويزدهر لا بد لنا من العناية الفائقة بالاطفال جيل المستقبل وبناة العراق ودولته المدنية المعاصرة .