تحاول التيارات الاسلامية , في تعاملها السياسي ان تجرد الديموقراطية من مفهوم الحرية , وبهذا الفعل كأنها تسلخ الديموقراطية من سلاحها الرئيسي , اي انها تخنق حرية الرأي والتعبير , وتحول الصندوق الانتخابي الى واجهة مغالطة ومزيفة لمعطيات الواقع الراهن , بدلا من ان يكون العمل السياسي يصب في مناخ يؤمن بالتنافس الحر والعادل وبروح الشفافية الديموقراطية النزيهة , , لانه بالامكان تحويل الصندوق الانتخابي , ضمن اجواء غير متكافئة وغير متوازنة من النزاهة والتنافس العادل , ان يصب هذا الصندوق لصالح القوى التي بيدها الاداة التنفيذية , والتي تستطيع التحكم بالقرار السياسي , في حين الصندوق الانتخابي يظلم ويجحف القوى سياسية الاخرى لم تكن من احزاب النخبة الحاكمة , وتبقى العملية الانتخابية ناقصة , اذا لم يمتلك الشعب ثقافة ديموقراطية , وكذلك اذا لم يصل الى مرحلة الوعي والنضج , بحيث يفرق ويميز بين الصالح والطالح , وبين الغث والسمين , ومن خلال تجربة السنوات الاخيرة , اتضح بوضوح لايقبل الشك , بان الاحزاب الاسلامية بكل مصنفاتها , , تتخذ من شماعة الديموقراطية , رغم انها لاتؤمن بها من خلال بياناتها السياسية والثقافية والادبية , لكنها تستخدمها كوسيلة ناجحة للوصول الى السلطة والنفوذ والمال , وتستخدمها لاغراض المتاجرة والخداع , ولكن حينما تجلس على كرسي الحكم , حتى ينكشف وجهها الحقيقي , بانها تتخذ مجرى سياسي مغاير , لما كانت تتبجح به , , وتمزق الديموقراطية وتغتال الحرية , وتبدأ سياسية الاقصاء والتهميش وعدم القبول بالاخر , وتسعى الانفراد بالحكم , نحو الحزب الحاكم والقائد الاوحد , ويبدأ ابتلاع الدولة ومؤسساتها لصالحها .. ان الاحزاب الاسلامية التي شاركت في النظام اوالعهد الجديد او شاركت في التغيير , ظهرت بثوب ناصع البياض ومناصرة للحرية والديموقراطية التي تحقق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة , سرعان ما تغير رؤيتها وتعاملها السياسي اليومي , امام بريق السلطة والمال والنفوذ , اي حينما تجلس على كرسي الحكم , كما حدث في البلدان العراق وتونس و مصر , لكن ليس هذا نهاية المطاف , اذ يبقى القرار الحاسم بيد الشعب , فاذا كانت الروح الوطنية والثورية , والنضج السياسي والثقافي , وتفهم اللعبة السياسية بكل جوانبها , فان المبادرة والحسم ستكون لصالحه , اي يستطيع ان يقلب المعادلة والموازين وياخذ ترتيب الامور الى طريقها السليم , ويتصدى للانحراف والسرقة , ويعيد صنع القرار السياسي لصالح الوطن , وينتصر للديموقراطية والحرية , ويعيد البسمة والفرحة والابتهاج الى غالبية افراد الشعب , وتتجرع الاحزاب الاسلامية الخسارة والخذلان , كما هي الحالة في مصر الان , حينما انتصر الشعب على مرسي واخوان المسلمين وعلى التيارات الاسلامية المتحالفة معهم , رغم انهم يملكون رئاسة الدولة والحكومة ومفاصل مؤسسات الدولة التي سلخوها من الاخرين واستولوا عليها بطرق ملتوية , لكن صفوف الشعب توحدت وجندت قدراتها تحت لواء الليبرالية والعلمانية واستطاعت ان تنتزع الدولة من انياب الاخوان وتحقق نصر يلهم الشعوب النائمة والغافية والراقدة في مستنقع المشاكل والازمات , كما هو الحال في العراق , حيث تشهد الاحزاب الاسلامية بكل صنوفها ورموزها , حالة من ربيع الرفاه والرخاء والتخمة وتسبح في دنيا المال الوفير . بينما غالبية الشعب تغوط في بحر الازمات والمشاكل , حتى انعدام الامن والامان والاستقرار , وتجرع الهموم والمحن , والدولة تنخرها أفة الفساد المالي والاداري , لذا فان اصلاح البلاد والتغيير نحو الافضل , هو بيد الشعب , اما ان يختار التجربة المصرية طريق لحل المشاكل والازمات , وينتشل نفسه من المستنقع الاسن الى رحاب الحرية والانعتاق , ام يبقى مقتنع بحالته المؤلمة والمأساوية , يتجرع المصائب واهوال والخراب , والاستسلام الذليل.