حين شرعت الحكومة باعمالها كان الرائي لها يقدر انها ستكون حكومة قوية والشراكة فيها متينة الا انها سرعان ماتبددت هذه الرؤيا وسقطت في الاختبار تلو الاختبار وهي في الساعات الاولى من تكليف المالكي وتحت قبة البرلمان عندما انسحبت كتلة العراقية احتجاجاً على التنصل من اتفاقات أبرمت في اربيل لم تكن النية معقودة على تنفيذها اطلاقا.! وعلى الرغم من الشعبية التي حصل رئيس الوزراء في الانتخابات والدعم الذي لقيه من الائتلاف الوطني ومن خارجه لم تشفع له حتى بكتابة برنامج للحكومة واكتفى بالإعلان الاول الذي بقي جله حبرا على ورق وبدأ يأكل من جرفه وشعبيته تتراجع وتنحدر الى وصلت اليه وسعت اطراف لاطاحته من حلفاء الامس الذين ساندوه واجلسوه على الكرسي الذين يعتقدون هم احق منه في تشكيل الحكومة التي لامكان لهم بتشكيلها ولو زادت مقاعدهم اكثر مما حصلوا عليهم .. هذا السقوط المدوي للحكومة على صعيد الانجاز دفع من يعتقد ان الحكومة له لوحده في الممارسة العملية الى نقل الاليات والمحاولات الى البرلمان لاسقاطه هو الآخر تحت ثقل تناقضاته متصورا وعلى وهم انه يمثل المكون الاخر .. وتضافرت جهود قطبي الصراع العراقية والقانون على شله ومنعه من التقدم في القضايا الحساسة فالعراقية قاطعته مرارا وفشلت جلساته وعرقلت اقرار قوانين كان يمكن لها ان تخدم المواطن .لترد عليها دولة القانون بذات الاسلوب لتؤخر تشريع قوانين اخرى وتفرض شروطا لايمكن لها ان تمر ولتزيد الحكومة الطين بلة في امتناعها عن تنفيذ ماتم تشريعه وله علاقة بحياة المواطنين مثل مجلس الخدمة الاتحادي , واللجوء الى المحكمة الاتحادية والتاثير عليها لتكريس السلطات في يدها وفرض حظر على البرلمان في تشريع القوانين هذا غيض من فيض الصراع المرير بين القوى السياسية المتنفذة في السلطة ومحاولات كل منها افشال الاخر بدعوى إن اي انجاز يحسب لجهة ما بشكل خسارة للطرف المقابل . لقد بقيت العملية السياسية متعثرة وراكدة لانها بنيت على اسسس خاطئة من المحاصصة المذهبية والاثنية ودستور فيه ثغرات ونواقص تعيق الاستناد اليه في استكمال بناء الدولة والعملية السياسية على اساس الديمقراطية الحقة وسيبقى الحال هكذا الى ان يتطور الحراك والاتجاهات التي برزت في انتخابات مجالس المحافظات لصعود وزيادة ثقل القوى الجديدة المؤمنة بالدولة العصرية وانحسار نفوذ قوى التفرد والتسلط . لااحد يتوقع خلال الفترة المتبقية ان تبني الحكومة والبرلمان أسسا تساعد على انتشال العملية السياسية من مأزقها العميق والارتقاء بها او بالأحرى تهيأتها لمرحلة تخلف ورائها سياسات افتعال الأزمات والحكم من خلالها . من هنا ستسمر الحملة على البرلمان التي نشهدها اليوم على موازنته ورئيسه ولجانه والقوانين المتعثرة والمحفوظة في ادراجه الى ان يسقط تماما في أعين الناس مثلما سقطت قبله الحكومة كي لايكون احد احسن من حد.
مقالات اخرى للكاتب