موحان هو الوحيد من أبناء الفلاح شغاتي الشبوط تمرد على أبيه ، وطلب الزواج مبكراً من إبنة احد الأقارب، ضاربا عرض الحائط الأعراف وتقاليد الأسرة في زواج الابن الأكبر ثم الأصغر ، ولكن سقوط موحان في بحر العشق ، واصفرار وجهه من كثر الوجد و"كطع الزاد " وشكواه المستمرة أمام والدته بالضغط على شغاتي ليوافق على اقتران موحان بقنديلة ، وإسدال الستار على تفاصيل اشهر قصة حب شهدتها القرية جعل الأشقاء الخمسة العزاب يتنازلون عن حقهم لصالح اصغرهم فكان له ما يريد تلبية لرغبته واحتراماً لمشاعره .
قبل الشروع باجراءات شراء النيشان و المشية والخطبة وعقد القران ، واجهت موحان مشكلة أداء الخدمة الإلزامية ، فهو "متخلف " بحسب القانون العسكري ، وغير مشمول بدفع البدل النقدي البالغ 100 دينار ، ولحراجة الموقف ولتفادي حصول عواقب وخيمة قد تخرب قصة حب موحان وقنديلة ، نصحه الأهل والمعارف بتسليم نفسه الى" حامية الكوت " ليؤدي الخدمة ، وبعد اشهر قليلة سيتخلص من العبء الثقيل، ليتفرغ للعيش الرغيد في القفص الذهبي .
التحق الجندي المكلف موحان بمركز تدريب مشاة النجف ، ولمواهبه في أداء طور الغناء الحياوي ، استخدم نشاطه الغنائي للتعبير عن لوعته واشتياقه ، وحينما ذاع صيته داخل المعسكر استدعي اكثر من مرة في بهو الضباط وبحضور الآمر والمساعد والآخرين للغناء أمامهم ، وتقديرا لموهبته ، كلف بان يكون "بوقجي" المعسكر ، وكان جديرا بهذه المهنة، فهو يتمتع بحبال صوتية قوية ونفس طويل ، واستخدام البوق في المعسكر له أهمية كبيرة ، فهو إشارةالإيعاز للنهوض الصباحي ، والوقوف في ساحة العراضات ورفع وانزال العلم ، وتوزيع قصعة الغداء والعشاء ، والنزول الى البلدة ايام الخميس ، الجندي موحان الشبوط كانت تنقصه الخبرة في أداء عزف الإيعازات فطلب منه الآمر ، لكي يكتسب المزيد من الخبرة الخبرةان يصطحب معه البوق في إجازته ليتدرب في قريته ثم يعود بصفة "بوقجي" مضبوط ، على نغماته تسير وتطبق الأوامر العسكرية ، وينتصر الجيش على العدو ، وبعرق التدريب تقل دماء المعركة .
وصل موحانالى القرية وصادف ان احد كبار القوم من الوجهاء قد فارق الحياة وأقيم له مجلس فاتحة ضخم جدا ، انشغل به الكبار والصغار وحتى أسرة الشبوط ، وكان اول رد فعل لموحانالبوقجي لمواجهة الموقف الذهاب الى ديار قنديلة ، والظفر برؤيتها بعد غياب ، واذا توفرت الظروف الموضوعية ربما سيختلى بها ، ويعزف لها سمفونية "حلول موعد القصعة " واثناء وصول عراضة قرب "جوادر الفاتحة " للتعبير عن تعزية العشائر برحيل الفقيد انطلق الصوت من بوق موحانفأثار التساؤلات والاستفسارات عن مصدر صوت "الماصول" وإطلاقه في وقت غير مناسب ، وعندما علم الحاضرون بان موحان الشبوط وراء ذلك تبدد الاعتراض ، وتعامل الحاضرون مع الحالة بشكل طبيعي جدا، مثل الفضائية التي تجاهلت الإشارةلماجرى في ساحة التحرير صباح الجمعة ، وفضلت العزف المنفرد على الماصول بنوطة موحان الشبوط .
مقالات اخرى للكاتب