ثلاثة أخبار نشرت هذه الأيام تدعو إلى القلق، لأنها تتعلق بالجانب الصحي وما يرتبط به في الشأن الدوائي، ومن ثلاث محافظات مختلفة؛ ففي الموصل أعلنت مصادر أمنية عن هجوم إرهابي كبير أسفر عن تخريب منشآت الشركة العامة لصناعة الأدوية في المدينة، واحتلالها ومصادرة محتوياتها، وهو عمل يضاف إلى سلسلة ما تواجهه مدينة الموصل من معاناة بسبب سيطرة تنظيم (داعش) الإرهابي وتحكّمه بحياة المواطنين الأبرياء بطريقة عدوانية سافرة، خارج نطاق المتعارف عليه وبأدنى المتبنيات الأخلاقية التي يمكن أن تكون مرجعا في المواجهات المسلحة والحروب، فالجهد الطبي وكوادره ومنشآته في المدينة كان من المفترض أن تبقى بعيدا عن النزاع مهما كانت صورة المعركة، لكن هذا التنظيم ومن يسانده أثبتوا خروجهم عن المألوف المدني والإنساني بجميع تفاصيله، وقد حق القول بضرورة حشد كل جهد إنساني في العالم لمواجهة ما يقترفه من جرائم، على اعتبار ما يجري جريمة حرب تهدد حياة الآلاف.
الخبر الآخر من إقليم كردستان، حيث أعلنت وزارة الصحة ومنشآتها الطبية عن وجود شحة بيّنة في الأدوية والمستلزمات الطبية، بسبب الأوضاع الأمنية وتوقف رحلات الشحن الجوي إلى أربيل من بعض مصادر الأدوية.
وبالتأكيد الخبر يرتبط بخبر مدينة الموصل التي تضم أكبر شركة مصنعة للأدوية في المنطقة الشمالية والتي كانت تزود مدن الإقليم وبعض المحافظات بمنتجاتها المحلية، إضافة إلى كثير مما يمرّ في مخازنها من أدوية مستوردة يتم فحصها وتوزيعها بعد تمام الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتقييس والسيطرة النوعية وما يتبعها.
إن وجود مشكلة شح الأدوية الضرورية والبحث عن حلول لها في محافظات إقليم كردستان، ربما لا تبدو مشكلة كبيرة بالقياس مع ما يجري في مدينة الموصل، فإمكانية التعاون والتواصل العاجل مع المركز موجودة، إضافة إلى إمكانية منح التسهيلات والتراخيص من قبل وزارة الصحة في بغداد لاستيراد المطلوب بوقت قياسي، وهو حل ممكن في الأيام القادمة، لكن الأوضاع في مدينة الموصل ستكون بالغة الصعوبة وتنذر بمخاطر كبيرة.
الخبر الثالث من مدينة الناصرية، حيث أعلنت دائرة صحة ذي قار عن ضبط كميات كبيرة من الأدوية الفاسدة والمغشوشة في 46 صيدلية بالمدينة، إذ أكدت إدارة المؤسسات الصحية ان دوائرها نفذت حملات صحية واسعة لضبط ومصادرة الأدوية المغشوشة والمقلدة والفاسدة من مذاخر وصيدليات المحافظة، وأسفرت الفعالية عن ضبط كميات كبيرة تعدّدت بين 12 نوعا من الأدوية المهمة، وهو رقم مقلق بحسب المصادر الطبية.
جهود الكوادر الصحية في مدينة الناصرية، أثبتت تحقيقها لشروط الرقابة من خلال تلك الحملة، وبشكل مميّز، لعلّه أيضا يقرع أجراس الخطر لتنبيه بقية المحافظات إلى احتمال وجود مخالفات مستمرة فيها، تستدعي فرض الرقابة المتواصلة على جميع الصيدليات والمجمعات الطبية، وتنفيذ التعليمات والتوصيات الإدارية الحازمة.
مقالات اخرى للكاتب