ثمة عقبات وزارية تستوجب أن يتم تسجيلها ونقاشها، وربما يكون من المهم بثها للرأي العام في جلسة معلنة، يوضّح فيها كلّ وزير ما لوزارته وما عليها، لتكون حجّته، أو حجّة عليه بعد حين، فالعقبة الإدارية الأولى التي تواجه الحكومة الجديدة ستكون في المتراكم، وها هي السنة تدخل فصلها الأخير، دون موازنة أو غطاء مالي، والسؤال المرير هنا: كيف سيكون عليه التقرير النهائي لكل وزارة؟.. وما هي الفعاليات المميّزة التي يمكن تسجيلها ضمن الأداء الوزاري؟، ففي العامين الماضيين وبحسب تقديرات رسمية، تبيّن إن نسبة التام والمنجز ضمن حسابات التخطيط والتنفيذ من المشاريع الوزارية المعلنة، لم يصل إلى 50 بالمئة.
المعضلة الإدارية في تجربة الحكومات السابقة، مشكلة مشخّصة ومعلنة الوقائع، ومعرّفة عبر تراكم الأخطاء وصولاً لما نلمسه الآن من تداعيات. وبعيداً عن اليأس، وبكلمات أكثر أملاً؛ نقول لعل الحكومة الجديدة ستخرج تشكيلتها الوزارية عن طور الدوران في ذات المشكلة، إلى أفق دولة المؤسسات؛ دولة لا تأبه بالفرد، وزيراً كان أو موظفاً، ولا بالجهة التي رشحته للمنصب، بقدر تأسيسها لمنهج عمل يمكن أن يصبح الأفراد فيه أصحاب فعل وتأثير، بحجم قدرتهم على التطوير والابتكار، وأن يكونوا موظفين في سلسلة إدارة وخط مركزي للإنتاج محسوب الحاصل في نهاية كل عام.
إن استثنائية ما عاشته البلاد فرضت واقعاً إدارياً معقداً، صعّب الحياة السياسية ووضعها في أطوار لا تتماشى مع المرتجى الديمقراطي والأمل بالتغيير، فالحكومة الجديدة ينتظر لها أن تصبح خاضعة لإدارة رئيس الوزراء، وخارجة عن نمطية ما كان من ضغوط للكتل والتشكيلات السياسية المتحكمة بمرشحيها في الوزارات، وبخلافه فلن نخرج من دائرة ما واجهته الحكومة السابقة، إذ إن الرهان على تحسين الأداء الإداري سيفرض طاعة العمل، ويحتم على كلّ وزير تأمين أفضل مستوى للعطاء وتحجيم للخلل، حتى وإن كان مضطراً لترك منصبه، دون مساومة عابرة تدفع الدولة والمواطن أثمانها بالتراكم.
ما يرتجى من تغيير في الوزارات المقبلة، ليس بأسماء الوزراء فحسب، بل بآليات وعمل يترقبه المواطن، ولابد أن تراود المتابع أسئلة مقلقة عن شكل وهيكلية تلك الإدارات الجديدة، وعن الكيفية التي سيكون عليها الحال في ظل أزمة قديمة، حطت بظلالها الثقيلة على جميع المؤسسات، عبر الفعل السياسي، أو من خلال الصعوبات المالية التي واجهت الإنفاق الوزاري بسبب تأخر صرف موازنة هذا العام، وما سيعقبها من تبعات، ربما توجب وضع خطة طوارئ لمتابعة مثل هذه القضايا التي أصبح أكثرها مصيريا ويخص حياة الناس، وما يمكن أن يقدّم لهم من خدمات. تلك قضية يجب أن تحفز البرلمان كسلطة تشريعية للنظر فيها باعتبارات مستجدّة، ووفق وضع تشريعات تخص العمل والتفاعل الوزاري، وسنّ قانون وآلية رقابة يمكن الاحتكام لها في قضية الأداء الوزاري.
مقالات اخرى للكاتب