ان الدعوة لقيام الدولة الوطنية المعاصرة، ونهوض الوطنية الحقة واحياء المواطنة والانتماء للوطن يحتاج الى اعادة النظر بالرؤى والبرامج السياسيه الحالية وفق منظور حضاري وقانوني وتنظيمي جديد لتلافي الفشل والاختراق والتبعية في علاقة الوطن بالوطنية والمواطنة التي همشت فعلاقة الوطن والوطنية والمواطنة يجب ان تكون اساسها جعل الوطن والانسان والمصلحة الوطنية قيماً عليا لايمكن المساومة بشأنها او اهمالها او تهميشها، فالوطن ليس مجرد دكان يبيع فيه الانسان الخضروات، وليس مجرد دار يسكنها الانسان، وليس مجرد ارض زراعية استوطنها وزرعها او اقام داراً عليها، وانما هو مركز الانتماء القانوني والاحتضان السياسي والثقافي والشعوري والعاطفي الذي اسس على ضوئه الحدود القانونية والانظمة والحكومات، واوجدت الاستحقاقات القانونية التي انبثق عنها الكيان السياسي الذي يسمى (الدولة الوطنية) القائمة على العدل والمساواة والتكافؤ بين المواطنين على اساس عملية التوازن بين الحقوق والواجبات والتعايش وفق مرتكزات اصيلة ومكتسبة تدخل في صياغة الوطن وفق خصائص تميزه عن الاخرين من حيث التكوين والصيرورة والهوية والانتماء والمصلحة الرابطة التي تربطه مع الامم الاخرى بحدود انظمة واتفاقيات.

وهذا المركز القانوني الانتمائي يسمى (الاقليم الجغرافي) للدولة والامة والشعب الذي يقيم عليه كعائلة او مجتمع او قبيلة او انه يشعر ابناؤها بالولاء (الوطنية) قيماً ووعياً وشعوراً وانتماء وحباً بارضه وشعبه المواطنة الصالحة والولاء، وله فكر وخصوصية ورمز وهوية.

وهنا تبرز العلاقه العضوية بين المواطن والوطنية والمواطنة، فعندما يكون الوطن مركز الانتماء القانوني والسياسي يتحول شعور الفرد فيه الى وعي وانتماء طوعي وحب تلقائي طوعي يشعر فيه بان هناك وطن يحتضنه ويحن اليه وتنشأ له فيه حقوق وتترتب عليه واجبات من البعدين الانساني والقانوني القائمين على ثنائية العلاقة بين المواطن وحبه (الوطنية) وماتستوجبه من الحقوق الدستورية والقانونية والانسانية كحقوق العيش والمساواة والعدل والامن والكرامة والحماية والتعبير وواجبات الدفاع والالتزام بالمسؤولية والولاء وحب الوطن (المواطنة).

ويكون مبدأ المواطنة حصيلة حتمية كمركز الانتماء القانوني والسياسي للوطن والذي يقوم عليه مبدأ المشاركة السياسية في تعميق العضوية الكاملة بين الفرد والدولة لتحديد مقومات وطنية الفرد التي تتجسد في الدفاع عن الوطن لما يمنحه من حقوق وواجبات ومن اهمها حق التصويت والترشيح وتولي المناصب في الدولة التي تعتبر من اهم مستلزمات الانتماء للدولة كوحدة سياسية متكاملة تتألف من وطن (اقليم جغرافي) وامة(شعب ونظام وسلطة ..دولة).

ان الدعوة لايجاد مفاهيم ومبادىء وطنية تعمل على تعميق العلاقة بين الوطن والوطنية والمواطنة ليس دعوة للانعزال والتشدد على الذات الوطنية وانما هي دعوة لتطوير الوعي الوطني لبناء الذات الوطنية من ان التكامل والتفاعل مع ذوات الاخرين على مستوى القومي والانساني والاممي مع رفض التبعية بأي شكل من الاشكال السياسية والثقافية والدينية لهذا البلد او ذاك على حساب ذاتنا الوطنيه والعراقية